للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القول الثاني: أنها منسوخة بقوله تعالى في آية المواريث: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (١).

وجه الدلالة: أن لفظ الوصية في البقرة جاء معرفا بأل ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ (٢)، وفي سورة النساء جاء منكرا ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (٣) فدل ذلك على أن الوصية التي أمر الله بإخراجها قبل الميراث، وتقديمها عليه، ليست هي الوصية للوالدين والأقربين، بل مطلق الوصية، كانت لهم أو لغيرهم، بدليل:

١ - أنه لو كان المقصود بآية المواريث هي الوصية للوالدين والأقربين المذكورة في البقرة لقال من بعد الوصية بالتعريف، للإشارة إلى الوصية المعهودة في البقرة، فلما نكرها دل على أنها غيرها؛ لقاعدة: "أن المعرفة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وإذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى".

٢ - أنه لو كان المقصود الوصية للوالدين والأقربين لاقتضى ذلك أن الوصية لغير الوالدين والأقربين لا تنفذ، وهو خلاف الإجماع خلافا لطاووس.

وإذا ثبت أن الوصية المذكورة في آية المواريث غير المذكورة في البقرة، كان ذلك دليلا على نسخ إيجاب الوصية للوالدين والأقربين.

يقول الجصاص: "والذي أوجب نسخ الوصية عندنا للوالدين والأقربين قوله تعالى في سياق آية المواريث: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ فأجازها مطلقة ولم يقصرها على الأقربين دون غيرهم، وفي ذلك إيجاب نسخها للوالدين والأقربين؛ لأن الوصية لهم قد كانت فرضا، وفي هذه إجازة تركها


(١) أحكام القران للجصاص، مرجع سابق، ١/ ٦٦.
(٢) من الآية ١٨٠ من سورة البقرة.
(٣) من الآية ١١ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>