في الخطاب والعموم، وهم أكثر عدداً، وفي هذا تضييق لمضمون الآية، وتخصيص العام بدون موجب.
قال ابن عبد البر في التمهيد:"وقد أجمع العلماء على أن الوصية غير واجبة على أحد، إلا أن يكون عليه دين، أو تكون عنده وديعة، أو أمانة فيوصي بذلك، وفي إجماعهم على هذا بيان لمعنى الكتاب والسنة "(١).
فأشار بهذا إلى أن الآية مخصصة بالإجماع، إلا أن دعوى الإجماع غير مسلمة، فالخلاف في وجوب الوصية قديم منذ عهد الصحابة، كما أن تخصيص الكتاب بالإجماع مختلف فيه بين الأصوليين، وعلى تسليم ذلك تبقى الاعتراضات الأخرى قائمة (٢).
الوجه الثالث: دعوى النسخ.
ذهب ابن العربي في الناسخ والمنسوخ إلى الإجماع على نسخها (٣)، إلا أن الصحيح أن فيها خلافاً، وبه قال الضحاك، وقتادة، وطاووس، والحسن، واختاره الطبري.
أن الآية محكمة لم ينسخ منها شيء، وأنها من باب العام الذي أريد به الخصوص، فإن لفظ "الوالدين والأقربين" عام؛ لدخول "أل" عليهما، والجمع المعرف بأل للعموم، إلا أن المراد بهم الوالدان والأقربون الذين لا يرثون، فهم الذي تجب لهم الوصية دون الوارثين منهم،
وبالنسبة للقدر المنسوخ عند القائلين بنسخها هناك قولان:
القول الأول: أنها منسوخة كلها، وأن ما تدل عليه من وجوب الوصية
(١) التمهيد، مرجع سابق، ١٤/ ٢٩٢. (٢) الوصايا والتنزيل، مصدر سابق، ص ٦٢. (٣) الناسخ والمنسوخ لابن العربي ٢/ ١٤.