الأول: أنه ﷺ جعل الوصية موكولة إلى إرادة الموصي حيث قال: ﷺ" له شيء يريد أن يوصي فيه " فلو كانت الوصية واجبة لما علقها على إرادة الموصي، ولكانت واجبة، أرادها أو لم يردها، كسائر الفرائض من صلاة، وصيام وغيرهما، فإنها واجبة، أراد ذلك المكلف أو لم يرد (١).
الثاني: أنه ﷺ جعلها حقاً للموصي: "ما حق امرئ مسلم" ولم يجعلها حقا عليه.
ونوقش هذا الاستدلال: أنه يروى بلفظ "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه"، كما يروى بزيادة "له شيء يريد أن يوصي فيه" والروايتان صحيحتان، يجب العمل بكل منهما، فتجب الوصية بمقتضى الرواية الأولى؛ لأنها مطلقة، ويجب عليه أن يريد الوصية بمقتضى الرواية الثانية المقيدة "له شيء يريد أن يوصي فيه".
٣ - حديث أبي الدرداء ﵁ أن النبي ﷺ قال:"إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم"(٢).
وجه الدلالة: أن الله جعلها صدقة على المسلمين وحقا لهم، بقوله:"تصدق عليكم" ولو كانت واجبة لقال إن الله فرض عليكم، ونحو ذلك، فلما قال: تصدق عليكم، والصدقة لا يجب قبولها علم أنها غير واجبة:
(٢٧) كما روى مسلم من طريق ابن جريج، عن ابن أبي عمار، عن عبد الله بن بابيه، عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (٣) فقد أمن الناس،
(١) شرح مسلم ١١/ ٧٦، المفهم ٤/ ٥٤٠، فتح الباري ٥/ ٣٥٩، نيل الأوطار ١١/ ٢٥٧. (٢) سبق تخريجه برقم (٤). (٣) من الآية ١٠١ من سورة النساء.