خلافا لابن حزم الذي اعتبر المريض كالصحيح في تصرفاته كلها دون أي فرق (١).
ومنشأ قول الجمهور: هو أن مرض الموت مرحلة تتهيأ فيها شخصية الإنسان وأهليته للزوال، فهو مقدمة لزوال شخصية المريض وانسلاخ أهليته وملكيته، كما أنه مقدمة لثبوت الحقوق في أموال المريض لمن ستنتقل إليهم هذه الأموال بعد موته من دائنين أو ورثة.
فينتج عن ذلك أن تصبح الديون متعلقة بمال المريض بعد أن كانت متعلقة بذمته قبل المرض؛ لأن الذمة تضعف بالمرض لعجز صاحبها عن السعي والاكتساب، فيتحول التعلق من ذمته -مع بقائها- إلى ماله توثيقا لدينه، وتتقيد تصرفاته بما لا يضر بحقوق الدائنين (٢).
قال الكاساني: " أما وقت التعلق فهو مرض الموت، فما دام المديون صحيحا فالدين في ذمته، فإذا مرض مرض الموت يتعلق بتركته أي يتعين فيها، ويتحول من الذمة إليها، إلا أنه لا يعرف كون المرض مرض الموت
(١) جاء في المحلى ٨/ ٢٩٧: " والمريض مرضا يموت منه أو يبرأ منه والحامل منذ تحمل إلى أن تضع أو تموت، والموقوف للقتل بحق في قود أو حد أو بباطل، والأسير عند من يقتل الأسرى أو من لا يقتلهم، والمشرف على العطب والمقاتل بين الصفين، كلهم سواء وسائر الناس في أموالهم، ولا فرق في صدقاتهم وبيوعهم وعتقهم وهباتهم وسائر أموالهم". وقد حكي عن داود الظاهري: أنه كان يوافق الجمهور في الحجر على المريض في العتق لحق الدائنين أو الورثة، إذا كان في عتقه مساس بحقوقهم، وفيما عدا العتق فقوله كقول ابن حزم. انظر: المحلى ٨/ ٢٩٧، الوصية للأستاذ أحمد إبراهيم ص ٢٠٢. (٢) الوصية لأحمد إبراهيم، مرجع سابق، ص ٢٠٠.