للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إلا بالموت، فإذا اتصل به الموت تبين أن المرض كان مرض الموت من وقت وجوده، فتبين أن التعلق يثبت من ذلك الوقت " (١).

كما ينشأ عن ذلك تعلق حق الورثة بماله ليخلص لهم بعد وفاته تملك الثلثين مما يبقى بعد سداد الديون إن كانت هناك ديون، سواء أكان حقهم المعلق بمال المريض حق ملكية أم مجرد حق في الخلافة، فتتقيد تصرفاته أيضا بما لا يضر بحقوق الورثة، أما الثلث فقد جعله الشارع حقا للمريض ينفقه فيما يرى من سبل الخير، سواء بالتبرع المنجز حال المرض أو بالوصية أو غير ذلك، فإن لم ينفقه كله أو لم ينفق منه كان الباقي للورثة (٢).

غير أن تعلق حقوق هؤلاء بسبب المرض لا يمنع أن يكون للمريض حق في ماله، لذلك اعتبر حق المريض في حاجاته الأصلية ومصالحه الضرورية مقدما في ماله على حقوق غيره من دائنين وورثة، فله أن ينفق من ماله أثناء مرضه على نفسه وعلى من تجب عليه نفقتهم بالمعروف من طعام وشراب، وملبس ومسكن، وأجرة طبيب وثمن دواء وما أشبهه؛ لأن نفقة الإنسان حال حياته مقدمة في ماله على سداد ديونه دفعا لهلاكه وحفظا لكرامته، كما حق له أن يعقد العقود ويجري التصرفات المالية، وتكون صحيحة ونافذة إن لم تمس حقوق الدائنين أو الورثة وليس لأحد منهم حق الاعتراض عليه أو منعه.

لأن من حق المريض تنمية ماله وتكثيره، قال الدسوقي: " والحاصل: أن المريض لا يحجر عليه في تداويه، ومؤنته، ولا في المعاوضات المالية ولو بكل ماله، وأما التبرعات فيحجر عليه إذا كانت بزائدة على الثلث " (٣).


(١) البدائع، مرجع سابق، ٧/ ٢٢٤.
(٢) أحكام المعاملات الشرعية للخفيف، مرجع سابق، ص ٩٢.
(٣) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، مرجع سابق، ٣/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>