للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ونوقش: خوف التلجئة موهوم؛ لأنه احتمال مرجوح فلا تهدر به أهلية الإنسان، ويرتكب البيع بلا تراضي (١).

ويمكن الجواب عن هذه المناقشة: بأن احتمال التلجئة واحد من احتمالات كثيرة لتصرف المدين في ماله بما يضر بالغرماء، فذكرها هنا إنما هو تمثيل للتصرفات المضرة بالغرماء إن أطلق له التصرف في ماله مع تعلق حق الغرماء به.

أدلة الرأي الثاني: (صحة الهبة)

١ - قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (٢).

وجه الدلالة: أن بيع الحاكم مال المدين بغير رضاه تجارة عن غير تراض، فتكون باطلة، وإذا كان بيع المال على المدين نوع حجر كان الحجر باطلا أيضا (٣)، فتجوز هبته لعدم صحة الحجر عليه.

ويمكن مناقشة الاستدلال بالآية: بأنها مخصوصة بالأدلة التي ساقها الجمهور لإثبات مشروعية الحجر على المدين المفلس.

وإن كان أبو حنيفة لا يرى التخصيص بالحديث، بل يعتبره ناسخا، والناسخ ينبغي أن يكون في قوة المنسوخ.

(٨٢) ٢ - ما رواه البخاري من طريق الزهري قال: حدثني ابن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره أن أباه قتل يوم أحد شهيدا وعليه دين، فاشتد الغرماء في حقوقهم، فأتيت النبي " فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي


(١) الهداية (٣/ ٣٢٠)، البناية (١٠/ ١٣٥)، أحكام صدقة التطوع ص ٣٤٥.
(٢) من آية ٢٩ من سورة النساء.
(٣) المبسوط (٢٤/ ١٦٤)، كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري (٤/ ٦١)، البناية للعيني (١٠/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>