لشدَّة غضبه التي تحول بينه وبين تروّيه وتثبُّت في حاله، فيصدُرُ منه ما لا يُريدُهُ ولا يقصدُهُ حقيقةً (١)، فيسقُطُ عنه حكمُهُ للعلَّة ذاتِها.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن القياس على المكره والسكران قياس مع الفارق؛ إذ الغضبان عقله باق بخلاف السكران، والمكره قد ضيق عليه الغير بخلاف السكران (٢).
وأُجيب: بعدم التَّسليم بالفارق بينهما؛ إذ إنَّ كليهما مكره، فالمُكرَه مُكرَهٌ على ظهاره، والغضبان مُكره على قصدِهِ وإرادتِه ليستريح من حرارةِ الغَضَب، يدلُّ على ذلك نَدَمُهُ وحسرتُهُ على فعله عند سكون غضبه، بل إنه أولى بعدم وقوعِ طلاقِهِ وظهاره وهبته من المُكرَه؛ لانعدام حقيقة قصدِهِ ومُرادِهِ (٣).
الوجه الثاني: أنَّ القول بعدم وقوع هبة السَّكران والمُكرَه محلُّ خلافٍ بين العلماء ﵏، فإذا كان هذا الحالُ لهؤلاء، فمَن باب أولى الغضبان.
يُمكن أن يُجاب: بعدم التَّسليم بوقوع الظهار في حالة الغَضَب في جميع أحواله، والخلافُ موجودٌ في الغضبان كالسَّكران والمُكره، فالعبرةُ بما يترجَّح بالدَّليلِ.
١١ - أنَّ العبرة بالمقاصد وما تكسبُهُ القلوب وتُريده، فالواهب في الغضب الشَّديد الحامل له التَّشفّي وفضّ الغيظ وليس الرّضا والقَصد، بدليل نَدَمِهِ بعد ذهاب غضبِه (٤).
(١) زاد المعاد، نفسه. (٢) إغاثة اللَّهفان ص ١٦، إعلام الموقعين (٤/ ٤١). (٣) إعلام الموقعين (٤/ ٤١)، اختيارات ابن عثيمين في النكاح والطلاق ص ٣٥٤. (٤) إغاثة اللَّهفان في حكم طلاق الغضبان (ص ٢١).