١٢ - أنَّ العوارض النَّفسيَّة من الأمور المعتبرة في الشرع، لما لها من أثرٍ على تصرُّفات صاحبها وأقواله، كعارض النِّسيان والخطأ، والخوف، والغضب، فيتكلَّم بما لا يقصد ولا يُريد حقيقةً أو حُكماً فيُعذر دون غيره؛ لعدم محض قصده وإرادته، بل إنَّ الغضبان أولى من غيره في اعتباره هذه العوارض لعدّه من أبرز الأسباب في تفكُّك الأُسرة، وزوال وحدتها (١).
١٣ - أنَّ ما ثَبَت بالإجماع لا يزول إلاَّ بالإجماع، فالنِّكاحُ ثابتٌ بالإجماع، فالأصل بقاؤه حتى يثبُت ما يرفعُهُ كلياً أو جزئياً (٢).
ونوقش: بأنَّه مع التَّسليم بأنَّ ما ثبَتَ بالإجماع لا يزولُ إلا بالإجماعِ، إلاَّ أنَّ القولَ بالوقوع، قال به جمهور العلماء ﵏(٣)، فإجماعُ الجمهور يُعدُّ إجماعاً، ولا يضُرُّ مخالفة الأقل من المُجتهدين، والدَّليلُ على ذلك: أنَّ الصَّحابة ﵃ لمَّا استخلفوا أبا بكر انعَقَدَت خلافتُهُ بإجماع الحاضرين، مع غَيَاب عَدَدٍ من الصَّحابةِ ﵃ في بعض الأمصار (٤).
وأُجيب: بعدم التَّسليم بأنَّ إجماع الجمهور يُعدُّ إجماعاً، فإذا خالف الجمهور واحدٌ من المجتهدين لم ينعقد الإجماع؛ إذ إن المعتبر في الإجماع قول جميع الفقهاء، فإذا تحقَّق وإلاَّ انعدم الإجماع (٥).
(١) إغاثة اللَّهفان في حكم طلاق الغضبان (ص ٢٨)، اختيارات ابن عثيمين في النكاح والطلاق ٣٥٤. (٢) المصدر نفسه. (٣) الفروع (٥/ ٣٦٤)، بلغة السالك لأقرب المسالك (٢/ ٧٩٣)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٤٢٧)، تكملة المجموع (١٧/ ٦٨). (٤) يُنظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٤/ ٥٩١)، الفواكه العديدة في المسائل المفيدة (٢/ ٥٥). (٥) إرشاد الفحول، مرجع سابق، (١/ ٣١٠ - ٣١١).