للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثاني: أنَّ نسبة العمل للشيطان من باب التنفير من هذا الأمر؛ لما سيُخلِّفُهُ من آثار الحسرة والنَّدامة، لذلك أرشد الشَّارع إلى الوسائل المُحصِّنة من الشَّيطان، دون أن ينفي مؤاخذة العبد على ما تجنيه جوارحُه (١).

ونوقش: بما نوقش به الوجهُ الأوَّل.

٥ - حديث عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله يقول: "إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرتُهُ إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبُها أو امرأة يتزوَّجها، فهجرته إلى ما هاجرَ إليه " (٢).

وجه الدلالة: في هذا الحديث بيان أنَّ مدارَ قبول الأعمال وعدمه على النّيَّة بشروطها التي من بينها أن تكون صادرةً من عَاقلٍ مُختار، فبناءً على ذلك استَنبَطَ البخاريُّ من هذا الحديث عدم وقوع طلاق الغضبان وكذا هبته؛ لخروج الأمر عن رضاه واختياره (٣).

ونوقش: بأنَّ النّيَّةَ لا بدَّ أن تكون من عاقل مختار، وكلا الشرطين في الغضبان، فإنَّ اختيارَه وعقلَه باقيان في حالة غَضَبِهِ، فيلزمُ إدانتُهُ بما يصدُرُ عنه (٤).

وأُجيب: بأنه مع التسليم ببقاءِ عقلِهِ واختيارِهِ وقصدِهِ، إلاَّ أنَّ شدَّةَ غضبِهِ قد أغلَقَ عليه، فيعذر في أقواله (٥).


(١) جامع العلوم والحكم (ص ١٢٩)، اختيارات ابن عثيمين في النكاح والطلاق ص ٣٥٤.
(٢) تخريجه برقم (٥٢).
(٣) إغاثة اللَّهفان في حكم طلاق الغضبان (ص ٤)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري (٩/ ٣٠١).
(٤) الفواكه العديدة في المسائل المفيدة (٢/ ٥٣)، اختيارات ابن عثيمين في النكاح والطلاق ص ٣٥٤.
(٥) إغاثة اللَّهفان في حكم طلاق الغضبان (ص ١٩)، إعلام الموقعين (٣/ ٤٥ - ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>