للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومعلومٌ أنَّ الإنسان لا يدعو على خواصِّه إلاَّ في حالة الغضب، فلو كان لا يقع لما ورَدَ التَّحذير من ذلك (١).

وأُجيب: بأنَّ هذا خاصٌّ في الغَضَب المتفق على نفاذه (٢).

٣ - قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ﴾ (٣).

وجه الدلالة: أنَّ التَّعبيرَ بـ"سَكَتَ" بَدَلاً من سَكَنَ فيه دلالة على أنَّ الغضَبَ سُلطانٌ، فلا إرادةَ ولا اختيارَ للإنسان عند حضوره، فإذا كان هذا حال الغضب فلا يؤاخذ الغضبان في هبته؟! فالأمر خارج عن إرادته ورضاه (٤).

ونوقش: بعدم التسليم بأنَّ الغضَبَ سُلطان تنعدم معه الإرادة والاختيار؛ إذ لو كان الأمر كذلك لعُدَّ أمر النبيِّ بترك الغَضَب ووصيَّته بعدمه من التَّكليف بما لا يُطاق، وهذا مُنتفٍ في شرع الله ﷿.

وأُجيب من وجهين:

الوجه الأول: عدم التسليم بأنَّ تفسير الغضب بأنه سلطانٌ يُناقضُ نهيَ النبي عن الغضب لما فيه من التكليف بما لا يُطاق؛ إذ إنَّ نهي النبي عن هذا الغضب دفعٌ لهذا السُّلطان وما يُخلِّفُهُ من حسرَةٍ ونَدَامةٍ، فنهى قبل الغَضَب لا بعد تملُّكه على صاحبِهِ.

الوجه الثاني: لو سُلِّم جَدَلاً بأنَّ القولَ بأنَّه سُلطانٌ يُناقضُ نهي النبي ، فإنَّ هذا خاصٌّ بالغَضَبِ المُتَّفق على نفاذِهِ.


(١) جامع العلوم والحكم (ص ١٢٩)، اختيارات ابن عثيمين في النكاح والطلاق ص ٣٥٤.
(٢) إغاثة اللَّهفان في حكم طلاق الغضبان (ص ٩).
(٣) من آية ١٥٤ من سورة الأعراف.
(٤) إغاثة اللَّهفان في حكم طلاق الغضبان (ص ١٠)، اختيارات ابن عثيمين في النكاح والطلاق ص ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>