للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثاني: أنَّ هذا قياس مع الفارق؛ إذ إنه مع التسليم بأنَّ اللَّغوَ في اليمين هو أن يحلف الرجل وهو غضبان، إلاَّ أنه رفع المؤاخذة عنه؛ لأنَّ يمينَه صادرة من غيرِ قصدٍ، بخلاف هبة الغضبان، فإنه متعمِّدٌ الهبةَ قاصدٌ لها (١).

وأُجيب: بعدم التسليم بالفارق؛ إذ إن الهبة في الغضب الذي يذهل عقله ويفقد به إرادته يترتب عليه عدم قصده؛ إذ لو كان قاصداً لما نَدِمَ على فعله (٢).

٢ - قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١)(٣).

وجه الدلالة: أنَّ الشرَّ في هذه الآية هو قول الرجل لولده وماله إذا غَضِبَ عليه: " اللَّهمَّ لا تُبارك فيه والعنه " (٤).

فتجاوَزَ اللهُ ﷿ عن الغضبان في هذه الآية دليل على عدم مؤاخذته على أقوالِهِ، ومنها هبته (٥).

ونوقش: بعدم التسليم بمعنى الآية، وهو أنَّ المرادَ به دعاء الرجل على ولدِهِ في حالة الغضب (٦)، والدليل على ذلك: أنه قد يُجاب الدُّعاء وهو في هذه الحال؛ لقول الرسول : " لا تدعوا على أولادكم، ولا على أموالكم، ولا على خدمكم، لا توافقوا من الله ساعةً لا يُسأل فيها شيئاً إلاَّ أعطاه " (٧)،


(١) جامع العلوم والحكم (ص ١٣٠)، اختيارات ابن عثيمين في النكاح والطلاق ص ٣٥٤.
(٢) إغاثة اللَّهفان في حكم طلاق الغضبان (ص ١٩).
(٣) آية ١١ من سورة يونس.
(٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، مرجع سابق، (٨/ ٢٨٦).
(٥) إغاثة اللَّهفان في حكم طلاق الغضبان (ص ٨).
(٦) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٨/ ٢٨٦).
(٧) سيأتي تخريجه برقم (٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>