للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٤ - أن في تصحيح هبة السكران وإنفاذ عقوده عقوبة له (١).

ونوقش هذا الدليل من وجهين:

أحدهما: أن كون السكران معاقبا أو غير معاقب ليس له تعلق بصحة عقوده وفسادها؛ فإن العقود ليست من باب العبادات التي يثاب عليها، ولا الجنايات التي يعاقب عليها، بل هي من التصرفات التي يشترك فيها البر والفاجر، والمؤمن والكافر، وهي من لوازم وجود الخلق؛ فإن العهود والوفاء بها لا تتم مصلحة الآدميين إلا بها؛ لاحتياج بعض الناس إلى بعض في جلب المنافع ودفع المضار، وإنما تصدر عن العقل، فمن لم يكن له عقل ولا تمييز لم يكن قد عاهد ولا حلف ولا باع ولا نكح ولا طلق ولا أعتق (٢).

والوجه الثاني: أن الحد الشرعي للسكران كاف لعقوبته، ولا يعهد عن الشريعة العقوبة بتصحيح العقود وإنفاذها (٣).

ثم إن الأمر قد يعود بالنفع للسكران، كما لو اشترى سلعة أثناء سكره فزاد ثمنها أضعافا مضاعفة بعد العقد.

٥ - أنه لا يعلم زوال عقل السكران إلا بقوله، وهو فاسق مردود الخبر بشربه المسكر، وربما تساكر تصنعاً، فلا يقبل قوله في عدم العقل والسكر، ويبقى الحكم على الأصل وهو صحة هبته ونفاذ العقد (٤).


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٣٣/ ١٠٤)، وزاد المعاد (٥/ ٢١١)، قال ابن قدامة في المغني ١٠/ ٣٤٨: " والحكم في عتقه (أي السكران) ونذره وبيعه وشرائه وردته … كالحكم في طلاقه؛ لأن المعنى في الجميع واحد ".
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٣٣/ ١٠٨).
(٣) زاد المعاد، مرجع سابق، ٥/ ٢١٣.
(٤) الحاوي ١٣/ ١٠٧، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٣٣/ ١٠٥، الأشباه والنظائر للسيوطي ص ١٤٢، صيغ العقود ص ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>