للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال: أن الزيادة على الأربعين لافترائه في سكره، ولو كان غير مكلف لما أوجبوا عليه حد المفتري، ولا كان مؤاخذا بافترائه، وفي مؤاخذته به دليل على تكليفه (١)، فإذا ثبت أنه مكلف وجب الاعتداد بأقواله وتصحيحها.

ونوقش هذا الدليل من وجهين:

أحدهما: أن هذا الخبر المنسوب لعلي لا يصح البتَّة (٢).

قال أبو محمد ابن حزم (٣): " هذا خبر مكذوب قد نزه الله عليا، وعبد الرحمن بن عوف عنه؛ لأنه لا يصح إسناده، ثم عظيم ما فيه من المناقضة؛ لأن فيه إيجاب الحد على من هذى، والهاذي لا حدَّ عليه ".

الوجه الثاني: أنَّ الزيادةَ على الأربعين ليست من أجل الافتراء، ولكن لما كان الإقدام على السكر -الذي هو مظنة الافتراء- يلحقه بالإقدام على الافتراء أعطي حكم المفتري؛ إقامة لمظنة الحكمة مقام الحقيقة؛ لأن الحكمة هنا خفية مستترة؛ لأنه قد لا يعلم افتراءه، ولا متى يفتري، ولا على من يفتري، كما أن المضطجع يحدث ولا يدري هل هو أحدث أو لا، فقام النوم مقام الحدث (٤).

وإذا تبين أن الزيادة ليست لأجل الافتراء فلا يكون السكران مكلفاً.


(١) ينظر: الحاوي (١٣/ ١٠٧)، شرح الزركشي (٥/ ٣٨٦).
(٢) زاد المعاد، مرجع سابق، (٥/ ٢١٣).
(٣) المحلى، مرجع سابق، (١٠/ ٢١١).
(٤) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٣٣/ ١٠٤ - ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>