للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الرابع: أن الله وصفهم بالإيمان لكمال حكمته مع عباده، وليس من باب التوبيخ والمحاسبة (١).

٢ - ما رواه الترمذي من طريق عطاء بن عجلان، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : " كل الطلاق جائزٌ إلا طلاقَ المعتوه، والمغلوب على عقله " (٢).

وكذا الهبة.

ونوقش هذا الاستدلال: بضعف الحديث، ولو صحَّ: فالمعنى في كليهما واحد، وهو تغطية العقل.

٣ - أن الصحابة -رضوان الله عليهم- أجمعوا على تكليف السكران؛

(٥٣) قال الإمامُ مالك: عن ثور بن زيد الديلي أنَّ عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي : " نرى أن تجلده ثمانين فإنه إذا شرب سَكَرَ، وإذا سَكَرَ هَذَى، وإذا هَذَى افتَرَى، فأرى أن يُحدَّ حدَّ المفتري ثمانين " (٣).


(١) الجامع لأحكام القران للقرطبي، مرجع سابق، ٥/ ١٩٢.
(٢) سبق تخريجه برقم (٤٧).
(٣) موطأ الإمام مالك (٢/ ٨٤٢)، ومن طريقه أخرجه الشافعي في المسند (٢/ ٩٠)، وعبد الرزاق (٧/ ٣٧٨)، وهو معضل؛ ثور الديلي لم يَرَ عمر، وكذلك عكرمة كما عند عبد الرزاق لم يدرك عمر أيضاً.
وقد أخرجه النسائي في الكبرى (٣/ ٢٥٢) موصولاً، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، ثنا سعيد بن جعفر، ثنا يحيى بن فليح، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس … فذكره.
وكذا أخرجه الطحاوي في أحكام القران (بواسطة الاستذكار) (٨/ ٧)، والبيهقي (٨/ ٣٢٠)، والحاكم (٤/ ٣٧٥) من طريق عكرمة عن ابن عباس موصولا.
وجاء من وجهٍ آخر أخرجه الدارقطنيُّ (٣/ ١٥٧): نا القاضي الحسين بن إسماعيل، نا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، نا صفوان بن عيسى، نا أسامة بن زيد عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن أزهر، قال: رأيت رسول الله .
وكذا أخرجه الحاكم (٤/ ٣٧٤)، والبيهقي (٨/ ٣٢٠) من طريق صفوان بن عيسى، به.
وكذلك أخرجه أبو داود (٤٤٨٩)، مختصراً من طريق أسامة بن زيد، به.
وهذا الأثر معلول أعلَّه أبو حاتم، وأبو زرعة، بأنَّ الزهري لم يسمعه من عبد الرحمن بن أزهر، ففي العلل: " وسألتُ أبي، وأبا زرعة عن حديث رواه أسامة بن زيد، عنِ الزهري، عن عبد الرحمن بن أزهر، قال: رأيت رسول الله يسأل عن خالد بنِ الولِيد، وأنا غلام شاب، فأتي بشارب، وأمرهم، فضربوه، فمنهم من ضرب بنعله، وذكرت لهما الحدِيث.
فقالا: لم يسمع الزهري هذا الحديث من عبد الرحمن بن أزهر، يدخل بينهما عبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر.
قلت لهما: من يُدخل بينهما ابن عبد الرحمن بن أزهر؟ قالا: عقيل بن خالد ".
"العلل" (١/ ٤٤٦).
وكذلك قال أبو داود بأنَّ الزهري لم يسمعه من عبد الرحمن بن أزهر.
قال أبو داود: أدخل عقيل بن خالد بين الزهري وبين ابن الأزهر في هذا الحديث عبد الله ابن عبد الرحمن بن الأزهر عن أبيه.
وعبد الله هذا رمز له في "التقريب" بـ (مقبول).
وقد قال ابن القيم في أعلام الموقعين (١/ ٢١١): " هذه مراسيل ومسندات من وجوهٍ متعدّدةٍ يُقوّي بعضُها بعضاً وشهرتها تغني عن إسنادها ".
وقال ابن حجر كما في التلخيص: " وفي صحته نظر "؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس أنَّ النبي : (جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر)، ولا يقال: يحتمل أن يكون عبد الرحمن وعلي أشارا بذلك جميعاً؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن علي في جلد الوليد بن عقبة: (أنه جلد رسول الله أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكُلٌّ سنَّة، وهذا أحبُّ إليَّ) فلو كان هو المشير بالثمانين ما أضافها إلى عمر ولم يعمل بها.
لكن يمكن أن يقال: إنه قال لعمر باجتهاد ثم تغير اجتهاده " فالحافظ هنا يشير إلى نكارته، ولكنه لم يستبعد صحته، فهذا الأثر جاء من غير وجه، وكما قال ابن القيم: (يقوي بعضها بعضاً)، وقد جرت عادةُ المحدثين أنهم لا يتشدَّدون في الآثار، كما قال الإمام أحمد في صدقة السمين: " ما كان من حديثه مرفوعٌ منكرٌ، وما كان من حديثه مرسلٌ عن مكحول فهو أسهل " العلل برواية عبد الله (١/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>