الوجه الأول: بعدم التسليم بأنَّ الخطابَ في الآية موجه للسكران حال سكره؛ لأنَّ من لا عقلَ له ولا يفهم الخطاب لا يدري عن الشرع ولا غيره فكيف يؤمر وينهى، بل أدلة الشرع والعقل تنفي أن يخاطب مثل هذا (١).
وأجيب: بأن الخطاب إذا لم يكن موجها لسكران حال سكره، فهو موجه له قبل السكر، وهذا يستلزم أن يكون مخاطبا في حال سكره؛ لأنه لا يقال إذا جننت فلا تفعل كذا (٢)، وهذا المعنى فاسد.
وبذلك تعين أن يكون الخطاب في الآية موجها للسكارى حال سكرهم، فلا يكون السكر منافياً للخطاب.
ورد هذا الجواب: بأنه مبني على أن معنى الآية: إذا سكرتم فلا تقربوا الصلاة، وهذا المعنى غير صحيح، بل المعنى يكون إذا أردتم الصلاة فلا تسكروا، فهو نهي لهم أن يسكروا سكرا يفوتون به الصلاة، أو نهي لهم عن الشرب قريب الصلاة.
الوجه الثاني: أنه يحتمل أن الخطاب موجه لمن يدب فيه أوائل النشوة، وأما حال السكر، فلا يخاطب بحال (٣).
الوجه الثالث: أن تخصيصهم بالخطاب لانفرادهم بالصلاة عن غيرهم من اليهود ونحوهم، فإنهم لا يصلون سكارى ولا صحاة (٤).
(١) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٣٣/ ١٠٥/ ١٠٦)، زاد المعاد (٥/ ٢١٢). (٢) فتح القدير ٣/ ٤٩١، المبسوط ٦/ ١٧٦. (٣) تفسير الماوردي ١/ ٤٨٩، تفسير البغوي ١/ ٤٣١، التفسير الكبير للرازي ١٠/ ١٠٧، صيغ العقود ص ١٨٨. (٤) أحكام القرآن لابن العربي، مرجع سابق، ١/ ٤٣٢.