ويمكن أن يناقش: أنه لا يسلم أن الموطوءة بشبهة في حكم الثيب؛ لبقاء علة التفضيل وهي الحياء.
القول الثالث: أن الموطوءة بزنى في حكم البكر.
وهو مذهب الحنفية (١)، والمالكية (٢).
وحجته:
(٢٣٨) ما رواه مسلم من طريق ابن جريج قال: سمعت ابن أبى مليكة يقول: قال ذكوان مولى عائشة: سمعت عائشة ﵂ تقول: سألت رسول الله ﷺ الجارية يُنْكِحُها أهلها أتُسْتَأْمَر أم لا؟ فقال لها رسول الله ﷺ:«نعم تُسْتأمر»، فقالت عائشة: فقلت له: فإنَّها تسْتَحْيِى، فقال رسول الله ﷺ:«فذلك إذْنُها إذا هي سكتت»(٣).
وجه الدلالة: دل هذا الحديث أن الحياء في البكر علة وضع النطق؛ لأن قوله ﷺ:«إذنها إذا هي سكتت» خرج جواباً لقول عائشة: «تستحيي» أي عن الإذن بالنكاح نطقاً، والجواب يقتضي إعادة السؤال؛ لأن الجواب لا يتم بدون السؤال، كأنه قال ﷺ: إذا كانت البكر تستحي عن الإذن بالنكاح نطقاً، فإذنها صمتها (٤).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أن التعليل بالحياء لا يصح، فإنه أمر خفي لا يمكن
(١) الهداية ١/ ١٩٧، الفتاوى الهندية ١/ ٢٨٩. (٢) مواهب الجليل، مرجع سابق، ٣/ ٤٩١. (٣) صحيح مسلم في النكاح/ باب استئذان الثيب في النكاح (١٤١٩)، والبخاري بنحوه في الإكراه/ باب لا يجوز نكاح المرأة (٦٩٤٦). (٤) بدائع الصنائع، مرجع سابق، ٢/ ٢٤٤.