قوله ﷺ:" أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ "(١)، فدل أن ذلك من قبيل البر والعطف، لا من قبيل اللزوم والوجوب (٢).
ويمكن أن يناقش: بأن هذا يستقيم لو خلت روايات الحديث عن غير هذه اللفظة، والأمر بخلاف ذلك فمنها:"اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، "اردده"، "أرجعه"، "هذا جور".
ثم قد يقال: إن في هذا اللفظ ما يشير إلى وجوب العدل، ذلك أنه جعل ترك العدل سبباً لاختلاف درجات البر.
٨ - ما ورد عن عائشة ﵂ قالت: إن أبا بكر ﵁ كان نحلها جاد عشرين وسقاً (٣) من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة، قال:" والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله "(٤)، قالوا: وهذا دليل على جواز التفضيل (٥).
قال الطحاوي: " فهذا أبو بكر قد أعطى عائشة دون سائر ولده، ورأى
(١) سبق تخريجه برقم (٢١٣). (٢) معالم السنن (٥/ ١٩١). (٣) معناه جداد عشرين وسقاً من تمر نخله إذا جد، وقيل: إن ذلك يجد منها ويصرم، يقال: هذه أرض جاد مئة وسق، أي أن ذلك يجد منها. انظر المنتقى (٦/ ٩٤)، الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص (٣١٢). (٤) سبق تخريجه برقم (١٥٢). (٥) شرح معاني الآثار (٤/ ٨٨)، مختصر اختلاف العلماء (٤/ ١٤٥)، الإشراف (٢/ ٨٣)، بداية المجتهد (٢/ ٢٤٦)، المنتقى (٦/ ٩٣)، الحاوي (٧/ ٥٤٥)، المغني (٨/ ٢٥٦)، الشرح الكبير (٣/ ٤٣٧).