ونوقش: بأن هذا ليس بأمر؛ لأن أدنى أحوال الأمر الاستحباب والندب ولا خلاف في كراهة هذا، وكيف يجوز أن يأمره بتأكيده مع أمره برده، وتسميته إياه جوراً، وحمل الحديث على هذا حمل لحديث النبي ﷺ على التناقض والتضاد، ولو أمر النبي ﷺ بإشهاد غيره لامتثل بشير أمره ولم يرد، وإنما هذا تهديد له على هذا، فيفيد ما أفاده النهي عن إتمامه (٢).
٦ - ومثله قوله ﷺ في حديث النعمان:"فأرجعه"(٣)، فلولا نفوذ الهبة لما أمره بالاسترجاع (٤).
ونوقش: بأن معنى "أرجعه" أي لا تمض الهبة المذكورة، ولا يلزم من ذلك تقدم صحة الهبة (٥) يدل عليه الرواية الصحيحة أيضا " فاردده "(٦) والرد ظاهر في الفسخ؛
لحديث عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فهو رد "(٧) أي مردود مفسوخ (٨).
٧ - ما رواه مسلم من طريق الشعبي، عن النعمان بن بشير ﵁، وفيه
(١) المهذب (١/ ٤٥٣)، معالم السنن (٥/ ١٩٢). (٢) المغني (٨/ ٢٥٨) الشرح الكبير (٣/ ٤٣٦)، تهذيب سنن أبي داود لابن القيم (٥/ ١٩٢)، تفسير القرطبي (٦/ ٢١٥). (٣) تقدم تخريجه برقم ٢١١ وما بعدها. (٤) الحاوي ٧/ ٥٤٥، معالم السنن ٥/ ١٩١. (٥) فتح الباري ٩/ ٢١٤، نيل الأوطار ٦/ ٩. (٦) تقدم تخريجه برقم (٢١١) وما بعدها. (٧) سبق تخريجه برقم (٢٠٢). (٨) تفسير القرطبي ٦/ ٢١٥.