للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كما أن قوله: ﴿يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ (١) لما كان معنى إرضاع وإضافة، والإضافة موزعة: كان الإرضاع موزعا، وقوله: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ (٢) لما كان معنى إضافة موزعة: كان الاستحقاق موزعا، وهذا يبين لك أن مقابلة التوزيع في هذا الضرب قوية سواء كانت راجحة أو مرجوحة أو مكافية.

وللناس تردد في موجب هذه العبارة عند الإطلاق في الوقف، وإن كان كثير منهم أو أكثرهم يرجحون ترتيب الجمع على الجمع بلا توزيع ..... فأما صلاح اللفظ للمعنيين فلا ينازع فيه من تصور ما قلناه، وإذا ثبت أنه صالح فمن المعلوم أن اللفظ إذا وصل بما يميز أحد المعنيين الصالحين له وجب العمل به، ولا يستريب عاقل في أن الكلام الثاني يبين أن الواقف قصد أن ينقل نصيب كل والد إلى ولده؛ وإلا لم يكن فرق بين أن يموت أحد منهم عن ولد أو عن غير ولد، بل لم يكن إلى ذكر الشرط حاجة أصلا، أكثر ما يقال: إنه توكيد لو خلا عن دلالة المفهوم، فيقال: حمله على التأسيس أولى من حمله على التوكيد.

واعلم أن هذه الدلالة مستمدة من أشياء: أحدها: صلاح اللفظ الأول لترتيب التوزيع.

الثاني: أن المفهوم يشعر بالاختصاص، وهذا لا ينازع فيه عاقل وإن نازع في كونه دليلا، الثالث: أن التأسيس أولى من التوكيد وليس هذا من باب تعارض الدليلين؛ ولا من باب تقييد الكلام المطلق وإنما هو من باب تفسير اللفظ الذي فيه احتمال المعنيين ..... فإذا تأمل قوله: على أنه من مات منهم عن


(١) من آية ٢٣٣ من سورة البقرة.
(٢) من آية ١٢ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>