وسبب الخلاف تردد العوض هاهنا بين العوض في البيوع، أو الأشياء الموهوبة والموصي بها، فمن شبهها بالبيوع اشترط ما يشترط في البيوع وفي أعواض البيوع، ومن شبهه بالهبات لم يشترط ذلك " (١).
وقال القرافي: " وقد فصل مالك بين قاعدة ما يجتنب فيه الغرر والجهالة وقاعدة ما لا يجتنب فيه الغرر والجهالة، وانقسمت التصرفات عنده ثلاثة أقسام: طرفان وواسطة، فالطرفان أحدهما: معاوضة صرفة، فيجتنب فيها ذلك إلا ما دعت الضرورة إليه عادة، وثانيهما: ما هو إحسان صرف لا يقصد به تنمية المال كالصدقة والهبة، فإن هذه التصرفات إن فاتت على من أحسن إليه بها لا ضرر عليه؛ لأنه لم يبذل شيئاً بخلاف القسم الأول إذا فات بالغرر والجهالة ضاع المال المبذول في مقابلته، فاقتضت حكمة الشرع منع الجهالة فيه، أما الإحسان الصرف فلا ضرر فيه، فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الإحسان التوسعة فيه بكل طريق بالمعلوم والمجهول، فإن ذلك أيسر لكثرة وقوعه قطعاً، وفي المنع من ذلك وسيلة إلى تقليله، فإذا وهب له بعيره الشارد جاز أن يجده، فيحصل له ما ينتفع به ولا ضرر عليه إن لم يجده؛ لأنه لم يبذل شيئاً " (٢).
القول الثاني: أنه لا يصح الوقف على المبهم.
وهو قول جمهور أهل العلم (٣): الحنفية، والشافعية، والحنابلة (٤).