قالوا: إن جعل الغلة كلها لنفسه من غير أن يعين من بعده فالوقف باطل بذلك. فإن جعل جزءاً للمساكين فلا شيء له والوقف صحيح وإن وقف على نفسه ثم على المساكين صار إلى المساكين ويكون منقطع الابتداء (١).
القول الثالث: صحة الوقف دون الشرط.
وهو قول في مذهب الحنابلة (٢).
الأدلة:
أدلة الرأي الأول:
١ - الأدلة الدالة على اشتراط الرضا في العقود (٣).
وجه الدلالة: أن الواقف لم يرض بهذا الوقف إلا على هذا الوجه.
٢ - الأدلة الدالة على صحة الشرط في عقد الوقف (٤).
ويدخل في ذلك اشتراط الواقف لنفسه الغلة أو بعضها.
٣ - الأدلة الدالة على صحة الوقف على النفس (٥).
فإذا صح جعل جميع الوقف على النفس، فبعضه من باب أولى (٦).
(١٢٤) ٤ - قال ابن أبي شيبة: حدثنا ابن عيينة، عن ابن طاوس، عن أبيه قال:" ألم تر أن حجر المدنيين أخبرني أن في صدقة رسول الله ﷺ: يأكله أهله بالمعروف غير المنكر "(٧).
(١) حاشية الدسوقي ٤/ ٨٠، حاشية عميرة مع شرح الجلال المحلي ٣/ ١٠٠. (٢) الإنصاف مع الشرح الكبير ١٦/ ٣٨٩. (٣) ينظر: مبحث اشتراط الرضا/ شروط الواقف. (٤) ينظر: مبحث شروط الواقفين. (٥) ينظر: المسألة الأولى التي سبقت قريباً. (٦) تقدمت في مسألة الوقف على النفس. (٧) مصنف ابن أبي شيبة (٢٠٩٣٩). والخصاف في كتابه أحكام الأوقاف ص ٣ من طريق سفيان بن عيينة، وقد رواه الأثرم في سننه، ومن طريقه الخلال في جامعه، كتاب الوقوف (١/ ٢٥٣ - ٢٥٤). قال الأثرم: (احتج أحمد بحديث ابن طاووس عن أبيه عن حجر المدري أن في صدقة رسول الله ﷺ أن يأكل أهلها منها بالمعروف غير المنكر. قيل له: من رواه؟ قال: سمعته من ابن عيينة). الحديث مرسل، وفي الثقات للعجلي ١/ ٢٨٨: " حجر المدنيين يماني تابعي ثقة وكان من خيار التابعين".