فهذا الخلط قد اختلف الفقهاء في كونه رجوعاً على قولين:
القول الأول: أن خلط الوصية بغيرها بأي حال كان لا يعتبر رجوعاً في الوصية.
قال به المالكية (١).
القول الثاني: أن ذلك يعتبر رجوعاً في الوصية.
قال به الحنفية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤).
قال ابن عابدين في الدر المختار (٥): " وله: أي للموصي (الرجوع عنها بقول صريح) .... (أو) فعل (يزيد في الموصى به ما يمنع تسليمه إلا به ..... وتصرف .... يزيل ملكه)؛ فإنه رجوع، عاد لملكه ثانياً أم لا، (كالبيع والهبة)، وكذا إذا خلطه بغيره بحيث لا يمكن تمييزه ".
وقال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب (٦): " لو (أوصى بصاع حِنْطَة مُعيّن ثمّ خلطه) بما يتعذّر تمييزه منه (فهو رجوع) وإن خُلط بأردأ منها؛ لأنّه أخرجه عن إمكان التّسليم ".
وقال ابن قدامة في المغني (٧): " وإن وصى بشيء معين، ثم خلطه بغيره
(١) انظر: الوصية والوقف في الإسلام مقاصد وقواعد د. محمد كمال الدين إمام ص ١٣١، والوصايا والوقف في الفقه الإسلامي د. وهبة الزحيلي ص ٥٠. (٢) كنز الدقائق للنسفي ٦/ ١٨٦، الدر المختار للحصكفي مع شرحه رد المختار ٦/ ٦٥٨. (٣) الأم للشافعي ٤/ ١٢٤، البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني ٨/ ٢٩٩، أسنى المطالب للأنصاري ٣/ ٦٦، مغني المحتاج للشربيني ٤/ ١١٤. (٤) المغني ٦/ ٩٨، القواعد ص ٣٠، الإنصاف ٧/ ٢١٣ - ٢١٤. (٥) / ٦٥٨ (٦) أسنى المطالب للأنصاري ٣/ ٦٦. (٧) المغني لابن قدامة ٦/ ٩٧.