للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أدلة القول الثاني:

١ - أن الرجوع إثبات في الماضي ونفي في الحال، والجحود نفي في الماضي والحال، وبعبارة أخرى أن الرجوع مركب من النفي والإثبات، والجحود مجرد النفي فلا يكون الجحود رجوعاً حقيقة، ولا العكس أيضا (١).

٢ - أن الوصية عقد، فلا يبطل بالجحود، كسائر العقود، فإنها لا تبطل بالجحود والإنكار، كالبيع والهبة، والإجارة، فكذلك الوصية (٢).

٣ - أن حقيقة الجحود يغاير حقيقة الرجوع، فلا ينوب أحدهما عن الآخر؛ إذ الرجوع معناه اعتراف بحصول الوصية في الماضي وإبطالها في الحاضر والمستقبل، والجحود إنكار لوجودها في الماضي والحاضر والمستقبل، فلو جعل الجحود رجوعاً لدل على وجود الوصية وعدمها في الماضي، وهو تناقض (٣).

ونوقش: بأن من جعل الجحود رجوعاً لم يجعل حقيقة الجحود والرجوع واحدة حتى يقال لهم: إن حقيقتها متغايرة، وإنما يريدون بذلك أن هذا اللفظ يستعمل مجازاً في الرجوع لما بينهما من العلاقة وهي دلالة كل منهما على النفي والإنكار، وإن كان هذا في الماضي والحال وذاك في الحال فقط.

واللفظ المجازي مستعمل في غير ما وضع له، ولا يراد منه عند هذا الاستعمال معناه الحقيقي حتى يقال: إنه لو دل على الرجوع لكان تناقضاً لدلالته على الحصول الوصية في الماضي وعدم حصولها فيه (٤).


(١) العناية شرح الهداية ١٠/ ٤٣٩.
(٢) المغني ٦/ ٩٨.
(٣) بدائع الصنائع ٧/ ٣٨٠.
(٤) الرجوع في التبرعات المحضة ص ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>