وهذا أيضا محرم ولا يجوز بالاتفاق (١)؛ إذ الأصل: وجوب العمل بشرط الموصي، لما تقدم من الدليل على ذلك.
مثل: أن يوصي لفقراء بلد، فيصرف إلى فقراء بلد آخر، ونحو ذلك.
القسم الثالث: تغييره من أدنى إلى أعلى: وله أحوال:
الحال الأولى: أن تكون الوصية بوقف من الأوقاف، فتقدم في كتابي أحكام الوقف حكم تغيير شرط الواقف وأنه مشروع عند المصلحة الغالبة، وقد ذكرت أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وأدلتهم في كتابي أحكام الوقف.
الحال الثانية: أن تكون لجهة خاصة:
كما لو وصى لزيد من الناس ونحو ذلك، فلا يجوز تغيير الوصية؛ لما تقدم من وجوب العمل بشرط الموصي، ولأن العين مقصودة -هنا-.
الحال الثالثة: أن تكون لجهة عامة.
مثل أن يوصي للعُباَّد، فيصرفه إلى العلماء؛ إذ العلم عبادة متعدية، بخلاف مجرد التعبد بالصلاة أو الاعتكاف ونحو ذلك، قال شيخ الإسلام:"حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية، واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند"(٢).
فيظهر مشروعية ذلك عند المصلحة الغالبة، وقد نص العلماء على مواضع من تغيير شرط الموصي عند المصلحة كما سنذكره، ويدل لذلك الأدلة الكثيرة الدالة على تغيير شرط الواقف مع شدة لزوم الوقف، وقد سبق أن بينتها في كتاب أحكام الوقف، وسأشير إلى شيء منها.
(١) المصادر السابقة في المطلب الثالث من المبحث الأول. (٢) الاختيارات ص ١٧٦، الإنصاف ٧/ ٥٨.