وبالنسبة لإيقاف الغلة الزائدة على المرتب، فإنه لا وجه لوقفها في الصورة الثانية؛ لأن الموصى له لا رجوع له في الغلة الماضية.
بخلاف الصورة الأولى، فإنه لما كان له الحق في الرجوع في الغلة الماضية ويقدم على الورثة فيها، فهل له الحق في المطالبة بوقف الغلة، أو تعجيلها كلها له، خشية أن يستهلك الورثة ما يأخذونه، ولا يجد ما يرجع به عليهم إذا أفلسوا، أو تنقطع الغلة، أو تقل في المستقبل.
ومذهب الحنفية: أن الغلة توقف ويصرف على الموصى له مرتبه حتى تنتهي الوصية، فإن فضل شيء من الغلة أعطي للورثة، أو للموصى له بالرقبة، فقد قالوا فيمن أوصى لرجل من غلة عبده كل شهر بدرهم، وللآخر بثلث ماله، ولا مال له غير العبد: فإن ثلث العبد بينهما نصفان عند أبي حنيفة، وعلى أربعة عند صاحبيه، إلا أنهم يتفقون على أن نصيب الموصى له بالثلث يسلم إليه، ونصيب الموصى له بالمرتب يحبس، وينفق منه على الموصى له كل شهر درهما، وقوفا مع لفظ الوصية، فإن مات الموصى له بالمرتب وبقي شيء من الغلة رد ذلك إلى صاحب الرقبة (١).
وفرق المالكية بين العين المأمونة غلتها، والعين التي يخشى بوارها، أو نقصان غلتها، كما فرقوا بين الوارث المأمون، وغير المأمون.
فقالوا: إذا كانت العين الموصى بغلتها مأمونة لا يخشى بوارها، ولا نقصان غلتها عن المرتب، فإن الزائد على المرتب يأخذه الورثة، ولا يوقف؛ لأنه لا فائدة في وقفه، وفي ذلك ضرر على الورثة بحبس حقهم عنهم.
وإن كانت العين الموصى بغلتها يخشى أن لا تغل في المستقبل ما يفي بالمرتب، فإنه يوقف من الغلة بقدر ما يخاف نقصه عن المرتب، إلا أن يكون