وإذا كانت حلة عمر من هدية أكيدر، لم يبق في الحديث حجة على جواز الهدية للكافر الحربي؛ لما يلي:
أولاً: لأن مكة في ذلك الوقت كانت فتحت ولم تبق دار حرب.
ثانياً: لأنه بعد فتح مكة لم يبق مشرك بها، كما أن عطارد صاحب الحلة المعروضة للبيع لم يفد على النبي ﷺ إلا في السنة التاسعة، كما قال ابن حجر، ويؤيد مقالته قول عمر في الحديث:" ابتع هذه الحلة تلبسها يوم الجمعة وإذا جاءك الوفد " فإن الوفود إنما تقاطرت على النبي ﷺ بعد فتح مكة.
(١٨٥) ٤ - ما رواه البخاري ومسلم من طريق هشام، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر ﵄، قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله ﷺ، فاستفتيت رسول الله ﷺ، قلت: وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال:«نعم صلي أمك»(١).
وفي لفظ:" وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم "(٢).
ونوقش الاستدلال بحديث أسماء من وجوه:
الأول: هو في امرأة، والإسلام لا يعتبر المرأة حربية بطبعها، ولذا نهى ﷺ عن قتل النساء كما جاء في حديث ابن عمر ﵄(٣).
الثاني: أنها وردت عليها إلى المدينة فليست في دار الحرب، وكانت الفترة التي وردت فيها هي فترة صلح الحديبية، فكانت معاهدة، لا حربية.
(١) صحيح البخاري - كتاب الهدية/ باب الهدية للمشركين (٢٦٢٠) واللفظ له، ومسلم في الزكاة/ باب الابتداء بالنفقة بالنفس (١٠٠٣). (٢) هذا اللفظ لمسلم (٢/ ٦٩٦ ح (١٠٠٣). (٣) صحيح البخاري – كتاب الجهاد والسير/ باب قتل الصبيان في الحرب (٢٨٥١)، ومسلم في الجهاد والسير/ باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب (١٧٤٤).