٣ - أن الحكمة من مشروعية الوصية التقرب إلى الله ﷿، ونحو ذلك (١)، كما تقدم بيانه في الباب التمهيدي، وقصد الإضرار ينافي هذه الحكمة.
دليل القول الثاني:(أنه ليس شرطاً)
استدل لهذا الرأي: بأن الإضرار الممنوع في الوصية هو ما منعه الشارع، مثل الوصية للوارث والوصية بأكثر من الثلث، والإقرار بالدين كذبا ونحو ذلك، وأما الوصية بالثلث فهي حق للموصي وإن قصد بذلك مضارة الورثة وصرف المال إلى غيرهم بغضا فيهم.
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه يمنع انحصار الإضرار بالوصية لوارث أو بأكثر من الثلث، كما لو أوصى بأن يحرق الثوب، أو تهدم الدار أو يلقى في البحر (٢).
فرع:
قال اللخمي: إذا أوصى بما يضر من غير منفعة له كثوب أن يحرق، أو دار تهدم، أو تخلى بغير سكنى بطلت؛ لقوله تعالى: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ (٣)، ولنهيه ﵇ عن إضاعة المال.
(١٦٧) فقد روى البخاري ومسلم من طريق الشعبي حدثني كاتب المغيرة بن شعبة، قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: أن اكتب إلي بشيء سمعته من النبي ﷺ، فكتب إليه: سمعت النبي ﷺ يقول: " إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال "(٤).
(١) نيل الأوطار، مرجع سابق، ٦/ ٣٧. (٢) التمهيد ١٤/ ٣٠٢، الذخيرة ٧/ ٣٨. (٣) من الآية ١٢ من سورة النساء. (٤) صحيح البخاري - كتاب الزكاة/ باب (لا يسألون الناس إلحافاً) (١٤٧٧)، ومسلم - كتاب الأقضية/ باب (النهي عن كثرة المسائل) (٤٥٨٠).