(١٦٥) ما رواه أبو داود من طريق حسان بن عطية، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن العاص بن وائل أوصى أن يعتق عنه مئة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية، فقال: حتى أسأل رسول الله ﷺ، فأتى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله إن أبي أوصى بعتق مئة رقبة، وإن هشاما أعتق عنه خمسين وبقيت عليه خمسون رقبة، أفأعتق عنه؟ فقال رسول الله ﷺ:«إنه لو كان مسلما فأعتقتم عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك»(١).
وهذا ظاهر في عدم صحة وصية الحربي في دار الحرب؛ لأنها لو كانت صحيحة لأمره بتنفيذها حين استأذنه في ذلك، كما أذن لسعد بن عبادة ﵁ في الصدقة عن أمه والعتق عنها، ولما أشار عليه ضمنا بعدم تنفيذها حين قال له: لو كان مسلماً فأعتقتم عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك.
ويؤيد هذا: أن الحكمة من مشروعية الوصية الزيادة في العمل، والكفار لا عمل لهم، ولا يقبل منهم ما عملوه.
لكن قال الشوكاني: ليس في هذا الحديث دليل على عدم صحة وصية الكافر؛ إذ لا ملازمة بين عدم قبول ما أوصى به من القرب، وبين عدم صحة الوصية مطلقاً، ولكن فيه دليل على عدم وجوب تنفيذها (٢)، فالإسلام على هذا شرط نفاذ لا شرط صحة.
(١) سنن أبي داود (٢٨٨٥)، والبيهقي ٦/ ٢٧٩، ويأتي تخريجه برقم (٢٨٩). (٢) نيل الأوطار، مرجع سابق، ٦/ ٤٣.