تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ (١) والذي حكم به النبي ﷺ من الثلث هو الحكم بما أنزل الله، فمن تجاوز ما حده فقد أتى ما نهي عنه ".
وقال ابن المنير: " لم يُرد البخاري هذا، وإنما أراد الاستشهاد بالآية على أن الذمي إذا تحاكم إلينا ورثته لا ينفذ من وصيته إلا الثلث؛ لأنا لا نحكم فيهم إلا بحكم الإسلام؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ الآية" (٢).
٣ - ألا يوصي بما هو قربة عندهم خاصة.
إذا أوصى بوصايا، وكانت تدخل في باب القربات، فهي تنقسم إلى أربعة أقسام:
الأول: أن يوصى بما هو قربة في حقنا وحقهم، كما إذا أوصى أن يسرج في بيت المقدس، أو أوصى بثلث ماله أن يتصدق به على فقراء المسلمين، أو على فقراء أهل الذمة، ونحو ذلك، جاز بالاتفاق سواء كانت الوصية لقوم معينين أو لا؛ لأنه وصية بما هو قربة حقيقة، وفي معتقدهم أيضا (٣).
الثاني: أن يوصي بما لا يكون قربة لا في حقنا ولا في حقهم، كما إذا أوصى للنائحات والمغنيات، فإن هذا غير جائز اتفاقاً؛ لأن هذا معصية في حقنا وحقهم (٤).
الثالث: أن يوصي بما هو قربة عند المسلمين، وليس بقربة عندهم، كما لو أوصى بالحج، أو بأن يبنى مسجد للمسلمين، فللعلماء في ذلك قولان:
(١) من الآية ٤٩ من سورة المائدة. (٢) فتح الباري، مرجع سابق، ٥/ ٣٥٧. (٣) بدائع الصنائع ١٠/ ٤٨٧، المدونة ٦/ ١٩، المهذب ٢/ ٥٤٩، المغني ٨/ ٥١٢. (٤) نفسها.