هل هو سكرانٌ أم لا؟ فإن كان سكران لم يصحّ إقراره، وإذا لم يصحّ إقرارُه عُلم أن أقواله باطلة كأقوال المجانين (١)، فلا تصح وصيته.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن درء الحد عن ماعز لوجود الشبهة في إقراره، والحدود تدرأ بالشبهات (٢).
وأجيب: بأن استنكاه ماعز خشية الشبهة في إقراره دليل على اعتبار العقل الذي هو مناط التكليف.
(١٢٥) ٣ - ما رواه البخاري من طريق علي بن الحسين، أن حسين بن علي ﵄ أخبره أنَّ عليَّاً أخبره قال:" كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يومَ بدر، .... فإذا شارفي قد جبّت أسنمتهما، وبُقرت خواصرُهُما (٣)، فقلت: يا رسول الله .. عدا حمزة على ناقتي .. وها هو في بيت معه شرب، فطَفِقَ النبيُّ ﷺ يلوم حمزة، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيدٌ لأبي؟ فعرف النبيُّ ﷺ أنه قد ثَمِلَ، فنَكَصَ رسولُ الله ﷺ على عقبيه وخَرَجنا مَعَهُ"(٤).
وجه الاستدلال من الحديث: أنَّ النبيَّ ﷺ لم يؤاخذ حمزة بما قال، مع أن هذا القول لو قاله غير سكران لكان ردة وكفراً (٥).
قال ابن حجر (٦)﵀: "وهو من أقوى أدلة من لم يؤاخذ السكران بما يقع منه في حال سكره من طلاق وغيره ".
(١) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٣٣/ ١٠٢)، شرح الزركشي (٥/ ٣٨٤، ٣٨٥). (٢) فتح الباري (١٢/ ١٣٠)، الأشباه والنظائر ص (١٢٧). (٣) شارفيّ: مثنى مضاف إلى ياء المتكلم، مفرده شارف وهي: الناقة المسنَّة، والمعنى: أنه بقر شقي الناقتين (انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/ ٤٦٢) (٤) صحيح البخاري - كتاب فرض الخمس/ باب فرض الخمس (ح ٣٠٩١)، ومسلم - كتاب الأشربة/ باب تحريم الخمر (ح ١٩٧٩). (٥) ينظر: زاد المعاد (٥/ ٢١٠)، مجموع فتاوى الإسلام (٢٣/ ١٠٨). (٦) فتح الباري (٩/ ٣٩١).