هنا، بل الموجود هو الدليل الدال على إرادة الوصية بالمال، وعليها حمله النووي.
الوجه الثاني: مسلك المعارضة، حيث عارضوا أحاديث نفي الوصية بأحاديث أخرى تدل على أنه ﷺ أوصى، فمنها:
(٣٧) الحديث الأول: ما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس حدثه قال: أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار … وفيه: "إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة"(١).
قال ابن حزم بعد احتجاجه بهذا الحديث:"وهذه وصية صحيحة بلا شك؛ لأنه أوصى بصدقة كل ما يترك إذا مات، وإنما صح الأثر بنفي الوصية التي تدعيها الرافضة إلى علي فقط "(٢).
وأجيب عن هذا بما يلي:
أولاً: أن ما فعله الرسول ﷺ في الحياة ليس وصية بعد الموت.
ثانياً: أن الوصية تكون في حدود الثلث، والظاهرية لا يجيزونها بأكثر، ولو أجازها الورثة، فلا يليق بهم الاستدلال به، وهو أول من يخالفه.
ثالثاً: أنه ﷺ لم يترك شيئا، فلا يتناوله الخطاب بها؛ لقوله تعالى: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾.
رابعاً: أن من خصائصه ﷺ الوصية بجميع المال.
خامساً: أن هذه الوصية هي وصية لغير الأقربين الذين لا يرثون،
(١) صحيح البخاري - كتاب فرض الخمس/ باب فرض الخمس (٣٠٩٤)، ومسلم - كتاب الجهاد والسير/ باب حكم الفيء (٤٦٤٧). (٢) المحلى، مصدر سابق، ٩/ ٣١٣.