للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عائشة : "أنَّ عليًّا كان وصيًّا، فقالت: متى أوصى إليه وقد كنت مُسْندَتَهُ إلى صدري أو قالت حَجْري؟ فدعا بالطَّسْت فلقد انخنث فِي حَجْري، فما شعرت أنَّه قد مات فمتى أوصى إليه " (١).

ففي هذا الحديث: تصريح بأن الوصية التي نفتها هنا هي الوصية بالخلافة، فيحمل حديثها الآخر في نفي الوصية بلفظ عام "ولا أوصى بشيء" على الوصية بالخلافة، وجمعا بين الدليلين يحمل العام على الخاص (٢).

إلا أن هذا التأويل للحديثين معاً هو تأويل بعيد ترده القواعد الأصولية وسياق الحديثين:

أما بالنسبة لحديث عائشة الذي تقول فيه: "ولا أوصى بشيء "هو عام يشمل الوصية بالخلافة والمال، ولأن كلمة شيء نكرة في سياق النفي فتعم … وقولها في الحديث الآخر: "متى أوصى إليه؟ " هو خاص في نفي الوصية بالخلافة، فلا يصح حمل النفي العام على خصوص نفي الوصية بالخلافة، ولا يصح جعل الثاني قرينة على ذلك، للقاعدة الأصولية: "أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه على الصحيح، بل يبقى على عمومه لعدم التعارض بينهما".

على أن قولها في حديث مسلم "ما ترك رسول الله درهما ولا دينارا، ولا شاة، ولا بعيرا، ولا أوصى بشيء" قرينة واضحة على أن الوصية التي نفتها في الحديث، هي الوصية بالمال، لا بالخلافة، وإن ثبت عنها نفيها؛ لأنه لا علاقة بين كونه لم يترك مالا، وبين الخلافة، حتى يصح ترتيب نفي الوصية بالخلافة على عدم تركه شيئا من المال، بخلاف الوصية بالمال فإن هناك مناسبة بين تركها، وبين كونه لم يترك مالا، ويصح ترتيبها


(١) صحيح البخاري - كتاب الوصايا/ باب الوصايا (٢٧٤١).
(٢) المحلي، مصدر سابق، ٢/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>