للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المبحث الأول:

تاريخ الوصية

الوصية قديمة ضاربة في القدم، عرفها البابليون وقدماء المصريين، كما عرفها اليهود الأقدمون، والرومان من بعدهم، والعرب في جاهليتهم قبل مجيء الإسلام إليهم (١)، ومن أشهر وصاياهم توصية نزار بن معد بن عدنان إذ أوصي لابنه مضر بالحمراء، ولابنه ربيعة بالفرس، ولابنه أنمار بالحمار، ولابنه إياد بالخادم، وجعل القسمة في ذلك للأفعى الجرهمي (٢).

وقد مرت الوصية بمراحل متعددة، وأطوار مختلفة، قبل مجيء الإسلام، فقد عرفت في مراحلها الأولى على عهد البابليين والمصريين حرية واسعة في المقدار والمصرف، وأخذت صفة الحق المطلق يتمتع به من له حق الملكية في تلك المجتمعات، وكان باستطاعته أن يوصي بما شاء من أملاكه لمن شاء وكان بإمكانه أن يحرم ورثته وأهله من جميع ثروته ويوصي بها لغيرهم، واستمر الأمر على ذلك على عهد اليهود والرومان، وإلى أن جاءت شريعة (فالسيذيا) ٤٠ ق فحدت من هذه الحرية، وأدخلت على الوصية بعض القيود، وحددتها في ثلاثة أرباع التركة، واحتفظت بالربع للورثة (٣).

وبقي المجتمع العربي الجاهلي على جاهليته لا يعرف للوصية حدوداً في مصرفها ولا قدرها، وربما يوصي الواحد منهم للأباعد ويدع أقاربه حباً في


(١) انظر: الوصية الواجبة في الإسلام لهشام قبلان، مصدر سابق، ص ٢٥.
(٢) التحرير والتنوير ٢/ ١٤٨، ١٤٩.
(٣) الوصية الواجبة في الإسلام، نفسه، ص ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>