صحيحة، فقال أبو موسى: هي كما تقول فعلت ما فعلت وهى صحيحة، فلم يرده أبو موسى" (١).
ونوقش هذا الاستدلال: بأن هذا الأثر دليل للجمهور، إذ قول أبي موسي: " فعلت ما فعلت وهي صحيحة " يدل على أن هذا هو أساس الحكم عنده، وأنه أجاز تصرفها لكونها صحيحة؛ إذ لو كانت مريضة لتغير الحكم، فدل على أن المرض له تأثير في تصرفات المريض.
٦ - أن المعتبر في الشخص صحيحاً كان أو مريضاً أهليته ببقاء عقله ورشده؛ لأن العقل مناط الأحكام، ولهذا صح عند الجميع نكاح المريض وإسلامه وبيعه وشراؤه، فكذلك هباته؛ إذ المعتبر بقاء العقل.
يدل لذلك أن المريض مرضاً مخوفاً متصلاً بالموت إذا اختل عقله أنه لا حكم لكلامه ولا تبرعاته (٢)، فلم يكن للمرض اعتبار بل للعقل، فكذلك هنا، وهذا هو الأصل فلا يخرج عنه إلا بدليل، ولا دليل (٣).
ونوقش هذا الاستدلال: أنه لا يسلم لكم ذلك، بل لكون المريض مرضاً مخوفاً متصلاً بالموت بمنزلة من حضره الموت فألحقت عطاياه بالوصية، كما قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)﴾ (٤).
وحضور الموت: ظهور الدلائل، ووجود الأسباب، والمرض المخوف المتصل بالموت من الدلائل (٥).
(١) المحلى، مصدر سابق، ٩/ ٣٥١. (٢) ينظر: المغني ٦/ ١٠٨، الحاوي الكبير ٨/ ٣١٩. (٣) غمز العيون البصائر، مرجع سابق، ١/ ٢٤٦. (٤) آية ١٨٠ من سورة البقرة. (٥) الحاوي الكبير، مرجع سابق، ٨/ ٣٢٠.