للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تصدق بفرس في سبيل الله، فوجده يباع، فأراد أن يشتريه، ثم أتى النبي فاستأمره، فقال: " لا تعد في صدقك "فبذلك كان ابن عمر لا يترك أن يبتاع شيئاً تصدق به إلا جعله صدقة ".

وجه الدلالة: أن النبي نهى عمر عن شراء هبته وصدقته، والهبة ملحقة بالصدقة بجامع الإحسان والتقرب إلى الله تعالى، والنهي يقتضي التحريم، ثم جعل شراءها عودا فيها، ثم شبه العود بأقبح وأشنع تشبيه وهو عود الإنسان في قيئه مما يعين إرادة التحريم.

٣ - ولأن شراء الهبة وسيلة إلى استرجاع شيء منها؛ لأنه يسامحه في ثمنها حياء أو رغبة أو رهبة، فيصير الواهب الذي اشتراها كالراجع في بعضها.

والرجوع في الهبة أو في بعضها حرام، فيكون الشراء حراما.

قال ابن حجر: " وسمى شراءه برخص عودا في الصدقة من حيث إن الغرض منها ثواب الآخرة، فإذا اشتراها برخص فكأنه اختار عرض الدنيا على الآخرة، مع أن العادة تقتضي بيع مثل ذلك برخص لغير المتصدق فكيف بالمتصدق، فيصير راجعاً في ذلك المقدار الذي سومح فيه " (١).

والهبة ملحقة بالصدقة كما تقدم.

أدلة أصحاب القول الثاني: (الكراهة)

(٢٦٢) ١ - ما رواه أبو داود من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال: " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه بها فأهدى منها لغني " (٢).


(١) فتح الباري، مرجع سابق، (٣/ ٣٥٣).
(٢) سنن أبي داود في الزكاة/ باب من يجوز له أخذ الصدقة (١٦٣٦).
وهو في مصنف عبد الرزاق (٧١٥١).
وأخرجه الإمام أحمد (٣/ ٥٦) عن عبد الرزاق،
وابن ماجه في الزكاة/ باب من سأل عن ظهر غنى (١٨٤١)،
وابن خزيمة (٢٣٤٧)، والدارقطني في السنن (٢/ ١٢١) وفي العلل (٣/ ٢٣٤) (٢٣٧٤) عن محمد بن يحيى، عن محمد بن سهل بن عسكر،
والبيهقي في السنن (٧/ ١٥) من طريق أبي الأزهر،
خمستهم (أحمد، والحسن، وابن يحيى، وابن سهل، وأبو الأزهر) حدثنا عبد الرزاق به.
ابن عسكر عند الدارقطني، وأبو الأزهر قرنا الثوري مع معمر عن زيد به.
وذكر الدارقطني في العلل الاختلاف عن عبد الرزاق في ذلك، وقال عن عبد الرزاق عن معمر وحده هو الصحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (٧١٥٢) عن الثوري، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن رجل من أصحاب النبي مثله.
وأخرجه الإمام مالك في الموطأ (٢/ ٢٦٨) ومن طريقه أبو داود (١٦٣٥)، والحاكم (١/ ٤٠٨)، والبيهقي في السنن (٧/ ١٥)، والبغوي في شرح السنة (١٦٠٤).
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (٥/ ٩٦) من طريق ابن عيينة،
وابن أبي شيبة (٣/ ٢١٠) من طريق سفيان الثوري،
ثلاثتهم (مالك، وابن عيينة، والثوري) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلا.
رواية سفيان الثوري " ابن السبيل " بدل " الغارم ".
وقد روى الثوري عن زيد عن الثبت دون أن يسمى عطاء، وعلق أبو داود عقب حديث (١٦٣٦).
رواية الثوري عن زيد، قال: حدثني الثبت عن النبي .
وقد وصله الدارقطني في العلل من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان قال: حدثني الثبت أن رسول قال، فذكر الحديث، وقال الدارقطني: " وهو الصحيح " يعني أنه لم يسم رجلاً.
وقد أعل ابن أبي حاتم في العلل (٦٤٢) رواية عبد الرزاق الموصولة، وقال عن أبيه وأبي زرعة: " رواه الثوري عن زيد بن أسلم، قال: حدثني الثبت قال النبي : وهو الأشبه، ونقل أيضاً عن أبي زرعة مثله ".
الحكم على الحديث: الحديث اختلف في وصله وإرساله، وصحح الموصول ابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي، وابن عبد البر، والذهبي، ورجح المرسل الدارقطني وأبو حاتم، وفي العلل لابن أبي حاتم (٦٤٢): " وقد رواه ابن عيينة عن زيد عن عطاء عن النبي مرسل، قال أبي: والثوري أحفظ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>