وأجيب: بأن هذا فيه بعد، ويرده قوله في الرواية الثانية:" لا أشهد إلا على حق "(١).
الوجه الحادي عشر: أنه جاء في رواية جابر أن بشير بن سعد ﵁ أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إن بنت فلان سألتني أن أنحل ابني غلاما، وقالت: أشهد رسول الله ﷺ، فقال:" أله إخوة؟ قال: نعم، قال: أوكلهم أعطيته؟ قال: لا، قال فإن هذا لا يصلح، فإني لا أشهد إلا على حق"(٢).
ففي حديث جابر ﵁ أن بشيرا ذكر ذلك لرسول الله ﷺ قبل أن يهب، فأمره النبي ﷺ بالأولى، وحديث جابر أولى؛ لأنه كان كبيراً وكان النعمان صغيراً، والكبير أحفظ وأضبط (٣).
وأجيب بما يلي:
أولاً: أنه لا يسلم أن الحديث يدل على ما ذكروه، بل يدل على أنه لم يأت لرسول الله ﷺ إلا بعد أن أعطى ابنه؛ يدل لذلك أن الرسول ﷺ قال له " أفكلهم أعطيته؟ " مما يدل على أن الأمر قد وقع، ولو كان لم يعطه لقال:" أفكلهم ستعطيه "؛ لأن الأمر ما زال أنفا.
ثانياً: وأما كون النعمان كان صغيراً وجابر أسن منه، فيرده أن النعمان هو صاحب القصة، وصاحب القصة أعلم بما روى.
الوجه الثاني عشر: عمل الصحابة: ومنهم أبو بكر، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف، وابن عمر ﵃ بعد النبي ﷺ على عدم التسوية قرينة ظاهرة تدل على أن الأمر للندب (٤).
(١) سبق تخريجه برقم (٢٠٠). (٢) تقدم تخريجه برقم (٢٠٠). (٣) مختصر اختلاف العلماء، مرجع سابق، (٤/ ١٤٤). (٤) فتح الباري (٩/ ٢١٥)، نيل الأوطار (٦/ ١٠).