للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الهبة لم يصح الرجوع، وإنما أمره بالرجوع؛ لأن للوالد أن يرجع فيما وهبه لولده، وإن كان الأفضل خلاف ذلك، ولكن استحباب التسوية رجح على ذلك فلذلك أمره به (١).

وأجيب: بأن معنى " أرجعه " أي لا تمض الهبة المذكورة، ولا يلزم من ذلك تقدم صحة الهبة (٢).

الوجه السادس: أن قوله: " أشهد على هذا غيري " إذا بالإشهاد على ذلك، وإنما امتنع من ذلك لكونه الإمام، وكأنه قال: لا أشهد؛ لأن الإمام ليس من شأنه أن يشهد، وإنما من شأنه أن يحكم (٣).

وأجيب: بأنه لا يلزم من كون الإمام ليس من شأنه أن يشهد أن يمتنع من تحمل الشهادة، ولا من أدائها إذا تعينت عليه، وقد صرح المحتج بهذا أن الإمام إذا شهد عند بعض نوابه جاز (٤).

وأما قوله: " أشهد " فليست صيغة إذا فليس كذلك بل هو للتوبيخ؛ لما يدل عليه بقية ألفاظ الحديث، حيث أمر برد تلك الصدقة، وأخبر أنها جور، فالمراد به: التوبيخ والوعيد (٥)، كقوله تعالى: ﴿فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ﴾ (٦) ليس على إباحة الشهادة على الجور والباطل، لكن كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ (٧)، وقوله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ (٨)، ثم


(١) فتح الباري (٩/ ٢١٤)، نيل الأوطار (٦/ ٩).
(٢) المصادر السابقة.
(٣) فتح الباري (٩/ ٢١٤)، نيل الأوطار (٦/ ٩)، شرح معاني الآثار (٤/ ٨٥).
(٤) فتح الباري، مرجع سابق، (٩/ ٢١٥).
(٥) فتح الباري (٩/ ٢١٤)، المحلى (١٠/ ١١٩)، أحكام القرآن للقرطبي ٦/ ٢١٥.
(٦) من آية ١٤٨ من سورة الأنعام.
(٧) من آية ٢٩ من سورة الكهف.
(٨) من آية ٤٠ من سورة فصلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>