وجه الاستدلال: أن أبا بكر ﵁ اعتبر القبض والقسمة في الهبة لثبوت الملك؛ لأنَّ الحيازةَ في اللغة جمع الشيء المفرق في حيز، وهذا معنى القسمة (١).
ويناقش من وجوه:
أحدها: أن الأثر فيه دلالة على صحة هبة المشاع حيث وهبها مشاعاً من التمر، ووافقته عائشة على ذلك، وغاية ما فيه أن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، ولو قبضتها لملكتها، ويأتي بيانُه.
الثاني: أن اشتراط القبض -من هذا الأثر- قد خالفته آثار أخرى عن بعض الصحابة في عدم اشتراطه، كالواردِ عن عليٍّ وابن مسعود ﵄ أنهما قالا:" إذا علمت الصدقة فهي جائزة وإن لم تقبض "(٢).
الثالث: لو سلم باشتراط القبض فإن القبض في المشاع الموهوب ممكن ومتصور كما تقدم، ولا يُسلَّم أنَّ الحيازةَ في اللغة جمع الشيء المفرق في حيز واحد، بل الحيازة في اللغة ضم الشيء إلى الشيء نفسه (٣) من غير تعرض لجمعه في حيز أو أكثر، وهذا الضم في المشاع متصور كما كان متصورا عندهم في بيع المشاع؛ إذ إن الموهوب له يحل محل الواهب كما يحل المشتري محل البائع لنصيبه، ويقبض كما يقبض بلا فرق.
(١٣١) ٣ - ما رواه ابن أبي شيبة من طريق الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن عمر بن الخطاب ﵁ أنه قال: " ما بالُ رجالٍ
(١) انظر: بدائع الصنائع، مرجع سابق، (٦/ ١٢٠). (٢) سيأتي تخريجه برقم (١٩١)، وانظر الخلاف في اشتراط القبض في الهبة في فصل قبض الهبة. (٣) أي: الحائز نفسه إلى ملكه. انظر: معجم مقاييس اللغة (٢/ ١٨٨)، مختار الصحاح ص (١٢٧).