ونوقش: بأنه قياس مع الفارق؛ إذ الهبة تبرع، والبيع معاوضة، ويطلب في عقود المعاوضات ما لا يطلب في عقود التبرعات من التحرير والضبط والعلم إذ يقصد بها الربح والتجارة، بخلاف عقود التبرعات فيقصد بها الإرفاق والإحسان.
٢ - أن الله تعالى حرم على لسان رسوله ﷺ أموال الناس إلا بطيب أنفسهم، ولا تطيب ببذل الشيء، إلا إذا علم صفاته وقدره وما يساوي (١).
ونوقش: بعدم التسليم بأن النفس لا تطيب بما لا يعلم قدره وصفاته؛ بل هبة المجهول مع طيب النفس واقع.
حجة القول الثالث: أن الجهل في حق الواهب غرر له فمنع الصحة، أما الموهوب له فلا غرر في حقه فلم يعتبر في حقه العلم بما يوهب له كالموصى له (٢).
ونوقش بعدم التسليم: بوجود الغرر في حق الواهب؛ إذ الهبة من عقود التبرعات كما سبق.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- أن القول بصحة هبة المجهول أرجح من القول بعدم الصحة؛ إذ الهبة من عقود التبرعات التي لا يشترط لها ما يشترط لغيرها من العقود.
ويؤيد ذلك: أن بعض من لا يصحح هبة المجهول قال بصحة البراءة من المجهول، كمن قال: أسقطت عنك ديني، أو أبرأتك منه، وهو لا يعلم قدره؛ فإنه يصح، قالوا: لأنه إسقاط، والإسقاط لا يشترط فيه العلم (٣).
(١) المحلى، مرجع سابق، (٨/ ٥٦). (٢) المغني (٨/ ٢٤٩)، ويأتي بحث البراءة من المجهول في الفصل الأخير. (٣) المغني (٨/ ٢٤٩)، وانظر: مبحث الإبراء في هذا المؤلف.