والثمانين: وليس بين القاضي وصاحب المغني خلاف في الحقيقة؛ لأن نقل اليد في هذه الأعيان جائز كالوصية، وقد صرح به القاضي في خلافه " (١).
وعند شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀(٢) يجوز الانتفاع بالنجاسات كما جاء في الاختيارات: " ويجوز الانتفاع بالنجاسات وسواء في ذلك شحم الميتة وغيره، وهو قول الشافعي وأومأ إليه أحمد في رواية ابن منصور "، فظاهرُهُ جواز هبته؛ إذ إنَّ شيخ الإسلام يتوسَّعُ في باب الهبة فيُجوِّزُ هبة المجهول، وغير المقدور على تسليمه، والمعدوم، كما وضَّحتُهُ في شروط صحَّة الهبةِ.
ويدل لهذا:
(١١١) ما رواه البخاري ومسلم من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله ﵄ أنه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح -وهو بمكة-: " إنَّ اللهَ ورسولَه حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟، فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله ﷿ لما حرم عليهم شحومها أجملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه" (٣).
في الحديث جواز الانتفاع بالنجاسات، وإذا ثبت هذا جاز هبتها.
والخلاصة: أن هبة المحرم لعينه لا تخلو من حالتين:
الحال الأولى: هبته لما يتضمنه من منافع مباحة، فجائز.
الحال الثانية: هبته لما يتضمنه من منافع محرمة، فلا يجوز.
(١) كشاف القناع، مصدر سابق، ٤/ ٣٠٦. (٢) الاختيارات الفقهية، مرجع سابق، ص ٢٦. (٣) صحيح البخاري/ باب بيع الميتة والأصنام برقم (٢١٢١)، ومسلم/ باب تحريم بيع الخمر والميتة والأصنام برقم (١٥٨١).