شروط هبة أَحد عشر:(كونها من جائز تصرُّف) فلا تصحُّ من محجورٍ عليه (مُخْتَارٍ)، فلا تَصحُّ من مُكْرَه (جَادٍّ) فلا تصحُّ من هازلٍ (بمال) معلوم أو مجهول تعذَّر عِلْمُهُ " (١)؛ لما تقدم من الأدلة على اشتراط الرضا والاختيار لصحة الهبة (٢)، وهذا لم يرض بالهبة باطناً وإن رضي بها ظاهراً.
ولقوله تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ (٣) فدل ذلك على اعتبار الرضا في الظاهر والباطن.
(٨٩) ولما رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق عبد الرحمن بن حبيب، عن عطاء، عن ابن ماهك، عن أبي هريرة ﵁، عن النبي ﷺ أنه قال: " ثلاثٌ جدهنَّ جدّ، وهزلهنَّ جدّ: النكاح، والطلاق، والرجعة " (٤).
فدل على أن ما عدا هذه الثلاثة ليس هزله جداً.
(١) مطالب أولي النهى/ باب الهبة. (٢) ينظر: اشتراط كون الواقف مالكاً، وكونه مختاراً. (٣) من آية ٤ من سورة النساء. (٤) سنن سعيد بن منصور (١/ ٣٦٩) رقم (١٦٠٣). وأخرجه أبو داود ح (٢١٩٤)، والطحاوي في شرح المعاني (٣/ ٩٨)، والدارقطني (٣/ ٢٥٧) كلهم من طريق عبد العزيز الدراوردي، به، بمثله. وأخرجه الترمذي ح (١١٨٤)، وابن ماجه ح (٢٠٣٩) من طريق حاتم بن إسماعيل وابن الجارود (٣/ ٤٤) رقم (٧١٢)، والطحاوي في شرح المعاني (٣/ ٩٨) والدارقطني (٣/ ٢٥٦ - ٢٥٧)، والحاكم (٢/ ١٩٧ - ١٩٨)، - ومن طريقه البيهقي (٧/ ٣٤١)، كلهم من طريق سليمان بن بلال، والطحاوي في شرح المعاني (٣/ ٩٨)، والدارقطني (٣/ ٢٥٧)، والبغوي في شرح السنة (٩/ ٢١٩) كلهم من طريق إسماعيل بن جعفر، ثلاثتهم (حاتم، وسليمان، وإسماعيل) عن عبد الرحمن بن حبيب، به، بمثله. وأخرجه ابن عدي في الكامل (٦/ ٢٠٣٣) من طريق الحسن، عن أبي هريرة به بنحوه، إلا أن فيه إبدال (الرجعة) بـ (العتاق). الحكم على الحديث: إسناده ضعيف؛ ففيه عبد الرحمن بن حبيب، لين الحديث، وقد ضعف الحديث ابن حزم في المحلى (٩/ ٢٦٦)، و (١١/ ٥٢٨)، وابن القطان في بيان الوهم (٣/ ٥١٠) وابن العربي في عارضة الأحوذي (٥/ ١٥٦)، والذهبي في التلخيص (٢/ ١٩٨) حيث تعقب الحاكم في تصحيحه. وقد صحح الحديث الحاكم في المستدرك، وأقره ابن دقيق العيد كما ذكر ابن حجر في التلخيص (٣/ ٢١٠)، وحسنه الترمذي، والمنذري في مختصر سنن أبي داود (٣/ ١١٩)، ورمز لحسنه السيوطي كما في فيض القدير (٣/ ٣٠٠). وأما طريق الحسن، عن أبي هريرة، فضعيفة، فالراوي فيها عن الحسن هو غالب بن عبيد الله الجزري، ضعفه ابن المديني، وابن سعد، والعقيلي، والنسائي، وقال ابن معين: ليس بثقة، كما في لسان الميزان (٤/ ٤١٤). وللحديث شواهد، منها عبادة بن الصامت، وفضالة بن عبيد، وأبو ذر، وابن عباس، وأبو الدرداء ﵃، وكلها ضعيفة.