الإكراه، سواء أكان إكراها على كفر أو عقد نكاح أو طلاق، والقول بأنه خاص بالإكراه على الكفر تخصيص لا دليل عليه.
الأمر الثالث: عدم التسليم بأن الهبة والعتاق وكل تصرف قولي مستكره عليه يقع؛ لأن الإكراه لا يعمل على الأقوال كما لا يعمل على الاعتقادات؛ لأن أحدا لا يقدر على استعمال لسان غيره بالكلام على تغيير ما يعتقده بقلبه جبرا، فكان كل متكلم مختارا فيما يتكلم به فلا يكون مستكرها عليه حقيقة، فلا يتناوله الحديث (١).
ويجاب عن هذا: بعدم التسليم به، فالإكراه يشمل التصرفات القولية والفعلية؛ بدليل أن الإكراه بالتهديد بالقتل أو إتلاف عضو إن كان يؤدي بالمكره إلى فعل ما لا يرضاه، فإنه أيضا يؤدي به إلى قول ما لا يرضاه.
ويجاب عن هذه المناقشة: بما سبق ذكره من الفرق بين طلاق الهازل وطلاق المكره (٢).
٧ - ما رواه البخاري ومسلم من طريق نافع، عن ابن عمر ﵄ أنَّ رسول الله ﷺ قال:" لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه "(٣).
دل الحديث على أنه لا بد لحل مال المسلم من الرضا، وهذا منتف مع الإكراه فلا يصح العقد.
٨ - ما رواه البخاري ومسلم من طريق علقمة بن وقاص، عن عمر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"(٤).
(١) المصدر السابق، وصيغ العقود (١/ ٤٠٧). (٢) تقدم قريبا. (٣) تقدم تخريجه برقم (٣٧). (٤) تقدم تخريجه برقم (٥٢).