للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فكرة الاستيلاء، فإنه أراد مطالبة ذوي العقارات بمستندات تشهد لهم بالملك وإلا انتزعها من أيديهم، فكان يصادر كل ما لم يملك صاحبه عليه مستنداً، وقد تصدى العلماء وفي مقدمتهم النووي للظاهر بيبرس وأعلموه بأن ذلك غاية الجهل والفساد، وأنه لا يحل ذلك عند أحد من علماء المسلمين، بل من في يده شيء فهو ملكه لا يحل لأحد الاعتراض عليه، ولا يكلف بإثباته ببينة، ولا زال النووي يشنّع على السلطان ويعظه إلى أن كفّ عن ذلك (١).

وفي القرن الثامن فكر السلطان برقوق أتابك -أحد سلاطين مصر في زمن العباسيين المتوفى سنة ٨٠١ هـ- في إبطال الأوقاف الأهلية، وعقد لذلك مجلساً من العلماء في عام ٧٨٠ هـ فيهم الشيخ سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني؛ لاستفتائهم في ذلك، فقال البلقيني: " ما وقف على العلماء والطلبة لا سبيل إلى نقضه؛ لأن لهم في الخمس أكثر من ذلك، وما وقف على خديجة وعائشة ينقض، ووافقه في ذلك الحاضرون " (٢).

وفي عهد محمد علي باشا اتسع نطاق الوقف الذري اتساعاً كبيراً، وأخذه كثير من الناس ذريعة لحرمان بعض الورثة وخاصة الزوجات والبنات، كما اتخذه بعضهم ذريعة للمماطلة بالدين في حياته وطريقاً للتخلص منه بعد وفاته، فوجه محمد علي باشا سؤالاً عام ١٢٦٢ هـ إلى مفتي الإسكندرية آنذاك الشيخ محمد بن محمود الجزايرلي يستفتيه في حكم صدور أمر أميري بمنع إيقاف الأماكن المملوكة لأهلها؛ سداً لذريعة ما غاب عن العامة من التوصل به لأغراض فاسدة، ومن حرمان بعض الورثة، والمماطلة بالديون في


(١) حسن المحاضرة ٢/ ١٠٥، أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية ١/ ٤٥ و ٤٦، الوقف في الفكر الإسلامي ص ٢٥٣، محاضرات في الوقف لأبي زهرة ص ٢٠ و ٢١.
(٢) أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية للكبيسي ١/ ٤٦ و ٤٧، محاضرات في الوقف ص ٢٢ و ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>