(٦٢) ٤ - قال البخاري: وقال الأعمش: عن تميم، عن عروة، عن عائشة ﵂ قالت:" الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، فأنزل الله تعالى على النبي ﷺ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ (١)(٢).
وجه الدلالة من هذه الأدلة: أنَّ وجودَ الغضَبِ في هذه الحوادث لم يمنع من اعتبار الأحكام بها، فدلَّ على مؤاخذة الغضبان، فإذا نَفَذَت أحكامُهُ نفذت سائر أقواله، ومنها الهبة (٣).
ونوقش: بأنَّ الغضب المتحقِّق في هذه الحوادث هو المتفق عليه بين الفقهاء ﵏ على نفاذه واعتبار أحكامه (٤).
(٦٣) ٥ - ما رواه البخاري ومسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي بكرة ﵁ قال: كتب أبي وكتبت له إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاضٍ بسجستان (٥) أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: " لا يحكم أحدٌ بين اثنين وهو غضبان " (٦).
وجه الدلالة: أنَّ نهي النبيِّ ﷺ للقاضي عن الحكم بين الخصمين وهو
(١) من آية ١ من سورة المجادلة. (٢) صحيح البخاري - كتاب التوحيد/ باب قول الله تعالى: " وكان الله سميعا بصيرا ". وقد خرجت الحديث بتمامه في كتابي (أحكام الظهار). (٣) جامع العلوم والحكم، مرجع سابق، (ص ١٢٩). (٤) الفواكه العديدة في المسائل المفيدة، مرجع سابق، (٢/ ٥٢) بتصرّف. (٥) بكسر أوَّله ثانيه، إحدى بلدان المشرق، بينها وبين هراة عشرة أيام وثمانون فرسَخاً، وهي في خراسان (يُنظر: معجم البلدان: (٣/ ١٩٠ - ١٩٢)). (٦) صحيح البخاري في الأحكام/ باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان؟ (٧١٥٨)، ومسلم في كتاب الأقضية/ باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان (١٧١٧).