ونوقش هذا الاستدلال: بأن المراد بالكتابة الشهادة، وبأن فيه إضمارا، والتقدير ووصيته مكتوبة مشهود عليها (١).
وأجيب: بأن تأويل الكتابة في حديث ابن عمر بالشهادة، أو دعوى إضمار الشهادة فيها خلاف الأصل؛ لأن الأول مجاز بلا قرينة، والثاني إضمار بلا دليل، وكلاهما خلاف الأصل لا يصح حمل الحديث عليهما، أخذا بقاعدة: الحقيقة مقدمة على المجاز؛ وقاعدة: الاستقلال مقدم على الإضمار (٢).
٣ - ما ورد من مكاتبة النبي ﷺ الملوك في دعوتهم إلى الإسلام، ومن ذلك:
(٣٠٦) ما رواه البخاري ومسلم من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس ﵄ أخبره ...... " ثم دعا بكتاب رسول الله ﷺ الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى "(٣).
ولم يرد عنه ﷺ إشهاد.
٤ - الآثار الواردة عن الصحابة في اعتبار الكتابة في الوصية، كما سبق.
٥ - أن الكتابة كالخطاب، بل أشد دلالة على جزم الإرادة؛ لأن الإنسان
(١) حاشية الشرقاوي ٢/ ٧٩، الفتح ٥/ ٣٩٦. (٢) شرح الزرقاني ٨/ ١٧٦، وشرح الخرشي ٥/ ٤٣٢، و نهاية المحتاج ٦/ ٦٥، المغني ٦/ ١٠٣ (٣) صحيح البخاري/ كتاب بدء الوحي (٧)، ومسلم - كتاب الجهاد/ باب كتاب النبي ﵇ إلى هرقل (١٧٧٣).