قال في فتح الباري:" المراد بحديث زيد: من عنده شهادة لإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها ويخلف ورثة فيأتي الشاهد إليهم أو إلى من يتحدث عنهم فيعلمهم بذلك، وهذا أحسن الأجوبة.
ثانيها: أن المراد به شهادة الحسبة وهي ما لا يتعلق بحقوق الآدميين المختصة بهم محضا، ويدخل في الحسبة مما يتعلق بحق الله أو فيه شائبة منه العتاق والوقف والوصية العامة والعدة والطلاق والحدود ونحو ذلك.
ثالثها: أنه محمول على المبالغة في الإجابة إلى الأداء، فيكون لشدة استعداده لها كالذي أداها قبل أن يسألها " (١).
القول الثاني: إن كانت على جهة عامة قبلت، وإن كانت على جهة خاصة لم تقبل.
وبه قال المالكية (٢)، والشافعية (٣).
وحجته: أنه إذا كان على جهة خاصة، فهو حق آدمي (٤).
وفي حاشية القليوبي:" تقبل الشهادة حسبة في الوقف، ويمنعها الرملي إن كان على جهة خاصة "، وهي كغيرها من الشهادات في شروطها السابقة في حقوق الله تعالى المتمحضة كصلاة وزكاة وصوم بأن يشهد بتركها، وفيما لله تعالى فيه حق مؤكد كطلاق وعتق وعفو عن قصاص وبقاء عدة وانقضائها وحدّ لله تعالى .... ، وثبوت نسب ووصية، ووقف إذا عمت جهتهما، ولو أخرت الجهة العامة فيدخل نحو ما أفتى به البغوي من أنه لو وقف داراً على
(١) / ٣٥٩. (٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٤/ ١٧٤). (٣) النهاية للرملي (٨/ ٣٠٦). (٤) مواهب الجليل (٦/ ١٦٥).