الراجح -والله أعلم- القول الأول؛ لقوة دليله، ولما في ذلك من قطع دابر الشر والفساد؛ لأن ترك القصاص سيجعل الآخرين يجرؤون على عبد الوقف لعلمهم بعدم القود، وفي ذلك من الفساد ما فيه، ولكن الله ﷾ أثبت القصاص بالجروح عموماً؛ قطعاً لتلك المفاسد التي إنما شرع القصاص لقطعها، والله أعلم (١).
فرع:
اختلف من قال بوجوب القصاص في الجناية على أطراف الموقوف فيمن له حق استيفاء القصاص من طرف الجاني:
القول الأول: أن حق الاستيفاء للمجني عليه وهو عبد الوقف أو أمته.
وبه قال الحنابلة (٢).
القول الثاني: أن حق الاستيفاء للمجني للحاكم.
وبه قال بعض الشافعية (٣).
القول الثالث: أنه ينبني على ملكية الوقف، فإن كانت لله فللحاكم حق الاستيفاء، وإن كانت ملكية الوقف للموقوف عليه فله حق الاستيفاء.
وبه قال بعض الشافعية (٤).
الأدلة:
أدلة الرأي الأول:
أن القصاص حق المجني عليه الموقوف لا يشاركه فيه أحد (٥)، وهو
(١) إعلام الموقعين ٢/ ١٢٤. (٢) الشرح الكبير ٦/ ٢١١، كشاف القناع ٤/ ٢٨٥. (٣) تحفة المحتاج ٦/ ٢٨٠، نهاية المحتاج ٥/ ٣٩٣، روضة الطالبين ٥/ ٣٥٥. (٤) المصادر السابقة. (٥) الشرح الكبير ٦/ ٢١١، مطالب أولي النهي ٤/ ٣١٠، التصرف في الوقف ٢/ ٢٧١.