وأما العين المقر بها إذا انتفع بها الورثة أو وضعوا أيديهم عليها، بحيث يمنع الانتفاع المستحق بها: فعليهم أجرة المنفعة" (١).
فتحصل من مجموع هذه النقول أن المذاهب الأربعة متفقة على أن غاصب منفعة الوقف ضامن لما غصبه؛ لما تقدم من أدلة وجوب رد الغصب (٢)، وهذا يشمل رد المنفعة بضمانها.
واختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في ضمان منافع الوقف المغصوب على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن منافع الوقف المغصوب مضمونة مطلقاً.
وهذا قول متأخري الحنفية، وهو المفتى به عندهم (٣)، وقال به أيضاً الشافعية (٤)، والحنابلة (٥)، لكن الشافعية قالوا: إن كان المغصوب نحو مسجد فلا يضمن بالفوات بل بالتفويت (٦)، وكذا نص الحنفية: أنه تجب أجرة المثل في مسجد سكن فيه (٧).
(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ٣١/ ٧٩. (٢) ينظر: المطلب السابق. (٣) فتح القدير ٦/ ٢٤٠ - ٢٤١، الإسعاف ٦٦، حاشية ابن عابدين ٦/ ٢٠٦. (٤) مغني المحتاج ٢/ ٢٨٦، التصرف في الوقف ٢/ ٢٦٠. (٥) فتاوى ابن تيمية ٣١/ ٧٩، قواعد ابن رجب ٤٢٧، المغني ٥/ ٢٩٢، الإنصاف ٥/ ٢٠١. (٦) الفوات: هو غصب العين وتعطيلها دون استعمال أو استغلال، وذلك كإغلاق المسجد ومنع الناس من الصلاة فيه. والتفويت: هو غصب العين مع استعمالها أو استغلالها، وذلك كأن يطالع في الكتاب، أو يركب الدابة، أو يسكن البيت، أو يؤجرها، أو يشغل نحو مسجد بمتاع لا يعتاد الجالس وضعه فيه، ولا مصلحة للمسجد في وضعه زمنا (مغني المحتاج ٢/ ٢٨٦). (٧) حاشية ابن عابدين ٤/ ٤٠٨، ٦/ ٢٠٦.