التزويج والحالة هذه؛ لأنه حق لها طلبته فتتعين الإجابة إليه، ولا يخفى أن في تزويجها تفويت الانتفاع على الموقوف عليه في بعض الأوقات حيث تفوت خدمة الأمة في الليل؛ لأن النكاح متعلق به حقوق من وجوب تمكين الزوج من استمتاعها ومبيتها عنده (١)، وقد سبق بيان حكم تزويج الأمة (٢).
وعلى كل حال فمراعاة مصلحة العين الموقوفة أمر مقدم، فإذا وقع الضرر في انتفاع شخص من الأشخاص من الوقف، أو وجدت مصلحة في منعه من الانتفاع، فإنه يمنع من الانتفاع بالوقف دفعًا للمضرة وجلبًا للمصلحة، حتى قال بعض الفقهاء: لو طال مقام رجل في بقعة وخيف من مقامه اشتهارها به واندراس الوقف فللإمام نقله منها (٣).
ثانياً: مصلحة الموقوف عليه:
كما أن مصلحة العين الموقوف قد تقتضي المنع من الانتفاع منها كذلك فإن مصلحة الموقوف عليهم قد تقتضي منع الموقوف عليه من الانتفاع بالوقف أو بعضه، كما لو كانت العين الموقوفة أمة، فإن الموقوف عليه يمنع من الانتفاع بوطئها؛ لأن في ذلك ضرراً على من بعده من البطون، وذلك أنه لا يؤمن حبلها فتنقص أو تتلف أو تخرج من الوقف بكونها أم ولد - عند من يرى ملكية الموقوف عليه للعين الموقوفة.
وعلى كل حال فإنه يحرم على الموقوف عليه وطؤها؛ لأن ذلك قد يفضي إلى نقص نفعها أو تفويتها على البطن الثاني (٤).
وقد سبق بيان حكم وطء الأمة الموقوفة (٥).
(١) الشرح الكبير مع الإنصاف ١٦/ ٤٢٦. (٢) ينظر: مبحث تزويج الأمة. (٣) ينظر: مبحث التحكير. (٤) الشرح الكبير مع الإنصاف ١٦/ ٤٢٦. (٥) ينظر: مبحث وطء الأمة الموقوفة، التصرف في الوقف ٢/ ٢١٣.