للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التي شملت أكثر عقارات الأوقاف في القسطنطينية فعجزت غلاتها عن تجديدها، وتشوه منظر البلدة، فابتكروا طريقة الإجارتين تشجيعاً على استئجار هذه العقارات لتعميرها (١).

ولعل من أهم أسباب قيام هذه الصورة عدم وجود الرغبة، كما سبق في استثمار العقار مما دعا إلى الحصول على دفعة مقدمة لعمارته ليكون مهيئاً للانتفاع منه، كما اشترط وجود أجرة مؤجلة ضئيلة للإعلام بأن العقار المؤجر لا يزال موقوفاً، وهو كذلك لسد الطريق أمام المستأجر من ادعاء ملكيته المطلقة له مع مرور الزمن كما ذكروا (٢).

وبناء على ما سبق فهذا العقد من جهة نشأته وما اشترط فيه إنما أقيم عند القائلين به من أجل مصلحة الوقف لإقامته وعمارته أولاً، ثم الحفاظ عليه من الاعتداء من خلال ادعاء ملكيته مع تقادم السنين، فيحصل بذلك الأحظ للوقف من خلال الأجرة المعجلة، وكذا يندفع به ما يظن من ضياع الوقف واندثاره.

وعليه فهذا العقد إنما أنشئ للحاجة ويجب قصر إقامته عليها حال عدم وجود من يرغب في الوقف إلا من خلاله؛ لأمور متعددة منها ما يأتي:

أولاً: إن مثل هذا العقد لا يحقق الغبطة للوقف؛ إذ كل ما يدفع مقدماً يكون في عمارة العين الموقوفة دون إنشاء عين أخرى أو وجود مردود مجدٍ من الأجرة السنوية التي قد تكون ضيئلة جداً.

ثانياً: إن هذا العقد في حقيقته بيع للوقف واستبدال له بلا مقابل يكافئ قيمة العقار، حيث يتم أخذ أجرة معجلة تقارب قيمته ترد في إعمار العين


(١) العناية شرح الهداية ٩/ ٦٤، الفتاوى الهندية ٢/ ٤١٩، حاشية ابن عابدين ١/ ٤٠١، تحفة المحتاج ٦/ ١٧٢، الوقف في الشريعة والقانون لزهدي يكن ص ١٥٦.
(٢) معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء (ص ٣٣)، عقد الحكر (ص ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>